للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأصلح: كلمة توحي بأعمق من الصلاح، وقوة القرب من الخير والنفع.

والمعتزلة تؤكد أن الله تعالي لا يفعل بعبادة إلا الصلاح وما فيه نفعهم وجوبا عليه جلا وعلا، لأنه إذا لم يفعل ذلك كان ظلما لهم ونقصا مما فيه صلاحهم، بل وخلاف الحكمة في إيجاده لهم إذا لم يعنهم على ما كلفهم به، حسب ما يرى المعتزلة من الواجبات التي افترضوها على الله تعالى.

الرد عليهم:

أمر الله وأرشد عبادة إلى أن يفعلوا كل ما فيه صلاحهم، وأن مرد ذلك يعود إليهم هم، وأن الله تعالى لا تضره معصية العاصي ولا تنفعه طاعة المطيع، وقد كتب الله على نفسه الرحمة تفضلا منه، وحرم الظلم عدلا منه.

والله تعالى يفعل بعباده الأصلح لهم، ولكن لا يجوز القول بالوجوب عليه جل وعلا على سبيل المعاوضة كما هو الحال بين المخلوقين.

فإن العباد لا يوجبون عليه شيئا وإنما هو الذي أوجب على نفسه تفضلا منه وكرما، لا أنه يجب عليه فعل الصلاح والأصلح بمفهوم المعتزلة الذي فيه إقامة الحجة عليه إن لم يفعل بهم ذلك، فإنه حسب معتقد هؤلاء يحق للكافر أن يقول: يا رب أنت خلقتني وزقتني ومكنتني من الكفر حتى مت كافرا، فلم أقدرتني على ذلك، ولم تعاملني بالأصلح كغيري من الناس الذين ماتوا على الإسلام؟

ويحق كذلك لمن كانتا درجته نازلة في الجنة أن يقول: لما لم تمكني من الأعمال التي توصلني إلى ما وصل إليه غيري من الدرجات العلى؟

ومذهب أهل السنة هو الحق، فلا إيجاب على الله إلا ما أوجبه على نفسه

<<  <  ج: ص:  >  >>