للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: ولولا أن معه إلهاً آخر له العلو أيضاً لما ورد قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (١) ، قالوا وهما أيضاً: الرحمن الرحيم (٢) .

ولا شك أن هذا يدل على مدى جهلهم بلغة العرب لأنهم من فارس، وبعضهم لم يتقن العربية، وإلا لعلموا أن هذا الخطاب ((إنا)) أو ((نحن)) إنما هو من باب التعظيم، والله عز وجل له العظمة المطلقة.

وقد ذكر مصطفى غالب -باطني من أهل سلمية- خلاصة معتقدهم في الخالق عز وجل فقال:

((ولما كان الله فوق العالم وهو غير محدود، فلا يمكن أن يخلق العالم مباشرة وإلا اضطر إلى الاتصال به مع أنه بعيد عنه، لا ينزل إلى مستواه، ولما كان واحداً فلا يمكن أن يصدر عنه العالم المتعدد، ولا يستطيع أن يخلق الله العالم، لأن الخلق عمل وإنشاء شيء لم يكن، وذلك يستدعي التغير في ذات الله والإله لا يتغير)) (٣) .

ومعنى هذا الكفر أن الله علة العالم وسبب وجوده فقط، وأن الله فوق العالم، ولا يستطيع أن يتصل به ويخلقه بنفسه مباشرة لأنه واحد، ويستنكف أن يباشر خلق الأشياء بنفسه لترفعه وعلوه وهذا من أعظم الجهل والغفلة.

وذهب قسم آخر منهم إلى الاعتقاد أن علياًً رضي الله عنه هو الذي خلق السموات والأرض خالق محيي مميت مدبر للعالم، وأنه ظهر في صورة الناسوت -الناس- ليؤنس خلقه وعبيده ليعرفوه ويعبدوه، وقد أنشد بعضهم


(١) سورة الأعلى:١
(٢) فضائح الباطنية ص ٤٠.
(٣) الأديان والفرق والمذاهب المعاصرة ص ٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>