للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التعريف بهم، ولما كانت تلك التعريفات أموراً اجتهادية واستحسانات وتقريباً لهذا المذهب، فإنك تجد أنه يرد عليها اعتراضات كثيرة، وفى بعضها أخطاء واضحة.

ولشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ردود على بعض تلك التعريفات، فقد ذكر أنه إذا كانت النسبة إلى أهل الصفة - وهو خطأ تاريخي كما سنبين - ذلك - فإنه يقال صُفِّي، وأما إذا كانت إلى الصف المقدم بين يدي الله تعالى فإنه يقال صَفِّي، وأما إذا كانت نسبة إلى الصفوة من خلق الله فإنه يقال صَفوِيٌّ، وأما إذا كانت النسبة إلى ذلك الرجل الجاهلي فإنه لا أحد من المتصوفة يرضى أن ينسب إلى قبيلة جاهلية قبل الإسلام، إضافة إلى أنه لم تعرف هذه التسمية بين الصحابة ولا كانت هذه القبيلة مشهورة أيضاً (١) .

وقد زعم كاتب نصراني هو "جورجي زيدان" "أن كلمة تصوف في العربية تعادلها كلمة "سوفيا" اليونانية والتي معناها الحكمة" (٢) ، أي أن التصوف نسبة إلى الحكمة اليونانية، وهو زعم أبطله كثير من العلماء؛ وربما لأن التصوف إنما ظهر بعد الإسلام ولا يمنع هذا أن تتأثر الصوفية بعد ذلك بشتى التأثيرات بل هو الواقع، ولكن ليس بالمفهوم اليوناني الكامل.

هذا ونسبة التصوف إلى الصوف أقرب إلى الاشتقاق اللغوي كما أنه أقرب كذلك إلى ذوق الصوفية وحالهم في تمسكهم بلباس الصوف، وقد ذهب إلى تقرير هذا القول كثير من العلماء في نسبتهم لهذه الطائفة التي لم


(١) الصوفية والفقراء لشيخ الإسلام ص ١٣ / ١٤.
(٢) انظر: الصوفية معتقداً ومسلكاً ص ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>