وَيُسْتَدَلُّ عَلَى أَنَّ الْجُمْلَةَ عَلَى غَيْرِ مَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ مِمَّا يُخَالِفُ جُمْلَتَهَا وَأَنَّ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ أَنْ قَالَ النَّبِيُّ إلَّا شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا».
وَهَذَا مِنْ تِلْكَ الشُّرُوطِ وَقَدْ «شَرَطَ أَهْلُ بَرِيرَةَ عَلَى عَائِشَةَ أَنْ تَعْتِقَ بَرِيرَةَ وَلَهُمْ وَلَاءُ بَرِيرَةَ فَجَعَلَ النَّبِيُّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ».
قَالَ فَهَذِهِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ وَكَفَى بِهَذِهِ حُجَّةٌ وَقُلْت فَإِنْ احْتَجَّ بِأَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ قَالَ فِي الْعُمَرِيِّ " مَا أَدْرَكْتُ النَّاسَ إلَّا عَلَى شُرُوطِهِمْ " قَالَ هَذَا مَذْهَبٌ ضَعِيفٌ وَلَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ خَالَفَ مَا نُثْبِتُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ بِحَالٍ وَذَكَرْت لَهُ بَعْضَ مَا رَوَيْنَا وَرَوَوْا مِنْ الْحَدِيثِ وَخَالَفَهُ بَعْضُ أَهْلِ نَاحِيَتِنَا فَاحْتَجَجْتُ عَلَيْهِ بِمَعَانٍ شَبِيهَةٍ بِمَا وَصَفْتُ وَاحْتَجَّ بِنَحْوِ مَا ذَكَرْت فَقُلْت لَهُ فَمَا قُلْت فِيمَنْ قَالَ هَذَا مِنْ أَهْلِ نَاحِيَتِنَا قَالَ قُلْت إنَّهُ خَالَفَ السُّنَنَ فِيمَا ذَكَرْنَا، وَكَانَ أَقَلَّ عُذْرًا لَمَّا خَالَفَ فِيهَا مِنْ الَّذِينَ أَصْلُ دِينِهِمْ طَرْحُ الْحَدِيثِ وَلَمْ يُدْخِلْ أَهْلَ الرَّدِّ لِلْحَدِيثِ فِي مَعْنًى إلَّا دَخَلَ فِيمَا خَالَفَ مِنْهُ فِي مِثْلِهِ بَلْ هُمْ أَحْسَنُ حُجَّةً فِيمَا خَالَفُوهُ مِنْهُ وَتَوْجِيهًا لَهُ مِنْهُ فَقُلْت لَهُ فَإِذَا كَانَتْ لَنَا وَلَك بِهَذِهِ الْحُجَّةِ عَلَى مَنْ سَلَكَ هَذِهِ السَّبِيلَ فَهِيَ عَلَيْك إذَا سَلَكْت فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ طَرِيقَةً فَإِذَا حَمِدْتُك بِاتِّبَاعِ حَدِيثٍ لِرَسُولِ اللَّهِ ذَمَمْتُك عَلَى رَدِّ آخَرَ مِثْلِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ أَحْمَدَك بِمُوَافَقَةِ الْحَدِيثِ وَخِلَافِهِ لِأَنَّك لَا تَخْلُو مِنْ الْخَطَأِ فِي أَحَدِهِمَا قَالَ: أَجَلْ، وَقُلْتُ لَهُ: قَدْ رَوَى أَصْحَابُنَا أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ «مَنْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ عِنْدَ مُعْدَمٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ».
وَقَالُوا وَقُلْنَا بِهِ وَخَالَفْته وَرَوَى أَصْحَابُنَا أَنَّ «النَّبِيَّ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ» وَقُلْنَا وَقَالُوا بِهِ وَخَالَفْته وَذَكَرْت لَهُ أَحَادِيثَ خَالَفَهَا أَخَذَ بِهَا أَصْحَابُنَا وَذَكَرْتُ مِنْ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ فِي تَرْكِهَا شَبِيهًا بِمَا ذَكَرْت لَهُ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا فِيمَا أَخَذْنَا نَحْنُ وَهُوَ بِهِ مِنْ الْحَدِيثِ وَخَالَفُوهُ وَإِنْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِمَّنْ أَخَذَ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْ الْحَدِيثِ بِمَا خَالَفَهُ قَالَ فَحَدِيثُ التَّفْلِيسِ وَحَدِيثُ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ أَضْعَفُ مِنْ حَدِيثِ الْعُمْرَى، وَحَدِيثِ أَنْ يَحُجَّ أَحَدٌ عَنْ غَيْرِهِ قُلْت أَمَّا هُمَا مِمَّا نَثْبُتُ نَحْنُ وَأَنْتَ مِثْلَهُ؟ قَالَ: بَلَى، قُلْت فَالْحُجَّةُ بِهِمَا لَازِمَةٌ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُمَا أَقْوَى مِنْهُمَا كَمَا تَكُونُ الْحُجَّةُ لَازِمَةً لَنَا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ وَشَهَادَةُ رَجُلَيْنِ حِينَ خَرَجَا مِنْ أَنْ يَكُونَا مَجْرُوحَيْنِ وَكَمَا تَكُونُ الْحُجَّةُ لَنَا بِأَنْ نَقْضِيَ بِشَهَادَةِ مِائَةٍ عُدُولٍ غَايَةً وَشَهَادَةُ اثْنَيْنِ عَدْلَيْنِ وَكِلَاهُمَا دُونَ جَمِيعِ الْغَايَةِ فِي الْعَدْلِ وَإِنْ كَانَتْ النَّفْسُ عَلَى الْأَعْدَلِ وَعَلَى الْأَكْثَرِ أَطْيَبَ فَالْحُجَّةُ بِالْأَقَلِّ إذَا كَانَ عَلَيْنَا قَبُولُهُ ثَابِتَةٌ، وَقُلْت لَهُ قَدْ شَهِدَ عَلَيْك أَصْحَابُنَا الْحِجَازِيُّونَ وَعَلَى مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَك فِي رَدِّ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَفِيمَا رَدَدْتَ مِمَّا أَخَذُوا بِهِ مِنْ الْحَدِيثِ أَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ السُّنَنَ وَاِبْتَدَعْتُمْ خِلَافَهَا وَلَعَلَّهُمْ قَالُوا فِيكُمْ مَا أُحِبُّ الْكَفَّ عَنْ ذِكْرِهِ لِإِفْرَاطِهِ وَشَهِدْتَ عَلَى مَنْ خَالَفَك مِنْهُمْ فِيمَا أَخَذْتَ بِهِ مِنْ حَدِيثِ حَجِّ الرَّجُلِ عَنْ غَيْرِهِ وَالْعُمْرَى بِالْبِدْعَةِ وَخِلَافِ السُّنَّةِ وَرَدُّوا وَهُمْ ضِعَافُ الْعُقُولِ فَاجْتَمَعَ قَوْلُكَ وَقَوْلُهُمْ عَلَى أَنْ عَابُوكَ بِمَا خَالَفْت مِنْ الْحَدِيثِ وَعِبْتَهُمْ بِمَا خَالَفُوا مِنْهُ وَعَامَّةُ مَا خَالَفْت وَخَالَفُوا حَدِيثُ رَجُلٍ وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ وَلَا يَجُوزُ عَلَيْكَ وَلَا عَلَيْهِمْ إذَا عَابَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ صَاحِبَهُ بِمَا خَالَفَهُ مِنْ حَدِيثِ الِانْفِرَادِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَائِبُ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ حَدِيثِ الِانْفِرَادِ مُصِيبًا فَيَكُونُ شَاهِدًا عَلَى نَفْسِهِ بِالْخَطَأِ فِي تَرْكِهِ مَا يَثْبُتُ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ الِانْفِرَادِ أَوْ مُخْطِئًا بِعَيْبِهِ تَرَكَ حَدِيثَ الِانْفِرَادِ فَيَكُونُ مُخْطِئًا فِي أَخْذِهِ فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ بِحَدِيثِ الِانْفِرَادِ وَعَيْبِ مَنْ خَالَفَهُ.
وَقُلْت لَهُ وَهَكَذَا قَالَ الْبَصْرِيُّونَ فِيمَا أَخَذُوا بِهِ مِنْ الْحَدِيثِ دُونَكُمْ وَدُونَ غَيْرِكُمْ وَالْكُوفِيُّونَ سِوَاكُمْ فِيمَا أَخَذُوا بِهِ مِنْ الْحَدِيثِ دُونَكُمْ وَدُونَ غَيْرِكُمْ فَنَسَبُوا مَنْ خَالَفَ حَدِيثًا أَخَذُوا بِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ إلَى الْجَهْلِ إذَا جَهِلَهُ وَقَالُوا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَهُ وَإِلَى الْبِدْعَةِ إذَا عَرَفَهُ فَتَرَكَهُ، وَهَكَذَا كُلُّ أَهْلِ بَلَدٍ فِيهَا عِلْمٌ فَوَجَدْت أَقَاوِيلَ مَنْ حَفِظْت عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ كُلَّهَا مُجْتَمَعَةً عَلَى عَيْبِ مَنْ خَالَفَ الْحَدِيثَ الْمُنْفَرِدَ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي تَثْبِيتِ الْحَدِيثِ الْمُنْفَرِدِ إلَّا مَا وَصَفْت مِنْ هَذَا كَانَ تَثْبِيتُهُ مِنْ أَقْوَى حُجَّةٍ فِي طَرِيقِ الْخَاصَّةِ لِتَتَابُعِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْبُلْدَانِ عَلَيْهَا وَقُلْت لَهُ سَمِعْت مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ مَنْ يُسْرِفُ وَيَحْتَجُّ فِي عَيْبِ مَنْ خَالَفَهُ مِنْكُمْ بِأَنْ يَأْخُذَ مَنْ خَالَفَهُ مِنْكُمْ بِحَدِيثٍ وَيَتْرُكَ مِثْلَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ دَاخِلٌ فِي مَعْنَاهُ وَذَلِكَ كَمَا قَالَ فَقَالَ هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute