الثاني: أن البعض إذا خرج بالتخصيص، بقي اللفظ مستصحبا في الباقي من غير احتياج إلى قرينة، وهذان الوجهان لا يوجدان في غير التخصيص، قاله القرافي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ في شرح التنقيح.
ومثل لاحتمال اللفظ لهما بقوله سبحانه وتعالى:(وأتموا الحج والعمرة لله) قال: يقول الشافعي: الأمر للوجوب، فتجب العمرة.
يقول المالكي: تخصيص النص بالحج والعمرة المشروع فيهما، لأن استعمال الإتمام في الابتداء مجاز اهـ.
وانظر هذا، فحمل الإتمام على المشروع فيه، ليس تخصيصا بالمعنى الاصطلاحي. ومثل له في النشر بقوله سبحانه وتعالى:(ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) فقال ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ: خص عند الإمام مالك والإمام أبي حنيفة ـ رحمهما الله سبحانه وتعالى ـ الناسي للتسمية، فتؤكل ذبيحته، وحمله بعضهم على المجاز، أي: مما لم يذبح اهـ
ويقدم المجاز على الإضمار، لأنه أكثر منه في الكلام، والكثرة تدل على الرجحان، ولأن الإضمار يحتاج إلى ثلاث قرائن:
قرينة تدل على أصل الإضمار.
وقرينة تدل على موضع الإضمار.
وقرينة تدل على نفس المضمر.
بخلاف المجاز، فإنه إنما يحتاج لقرينة واحدة.
وقال الإمام فخر الدين ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ في المحصول: هما سواء، لأن كل واحد محتاج للقرينة، نقله في شرح التنقيح.
ومثال احتمال اللفظ لهما قوله ـ سبحانه وتعالى ـ:(إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم) الآية الكريمة.
قال في شرح التنقيح: يقول المالكي والشافعي: تقديره إذا قمتم محدثين، ولولا هذا الإضمار، لكان الأمر بالطهارة بعد الصلاة.
يقول السائل: هذا المحذور يزول بجعل القيام مجازا عبر به عن إرادة القيام.