للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا قدم المجاز على الإضمار، قدم عليه التخصيص، لما سبق من أرجحيته على المجاز.

ويقدم الإضمار على النقل، لما فيه من تغيير الوضع، بخلاف الإضمار.

ومثال تعارضهما: قوله سبحانه وتعالى جل من قائل: (وحرم الربا)

يقول الحنفي: في الكلام إضمار، والأصل: وحرم أخذ الربا، وهو الزيادة، كما في درهم بدرهمين، فإذا أسقطت الزيادة صح البيع، وارتفع الإثم.

ويقول غيره: الربا وإن كان في الأصل الزيادة، إلا أنه نقل إلى العقد، فهو فاسد، وإن أسقطت الزيادة.

وإذا قدم الإضمار على النقل، قدم عليه ما تقدم أنه مقدم على الإضمار من التخصيص والمجاز.

ويقدم النقل على الاشتراك، لأن اللفظ في النقل لحقيقة واحدة مفردة في جميع الأوقات، والمشترك مشترك في الأوقات كلها.

وقيل: يقدم المشترك، إذ لا نسخ فيه لوضع سابق، ولأنه أكثر في الكلام من المنقول، بل قيل: إن الاشتراك يقدم على الإضمار، لاحتياج الإضمار إلى ثلاث قرائن.

ومثال احتمال الاشتراك والنقل: قوله ـ صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ـ: " طهر إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات " (١) يقول الشافعي: الطهارة في عرف الشرع: منقولة إلى إزالة الحدث أو الخبث، ولا حدث، فيتعين الخبث.

يقول المالكي: الطهارة لفظها مشترك في اللغة بين إزالة الأقذار، والغسل على وجه التقرب إلى الله ـ سبحانه وتعالى ـ لأنه مستعمل فيهما حقيقة إجماعا، والأصل عدم التغيير.

ويقدم الاشتراك على النسخ، لأن النسخ إبطال للحكم بعد إرادته، فلا يصار إليه ما أمكن البقاء.


(١) رواه الإمام أحمد بإسناد على شرط الشيخين.

<<  <  ج: ص:  >  >>