للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

لنفسه، فهذا أمر لا يمكن أن يقصده عامي فدم، فكيف بمثل هذا الشيخ الجليل، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وأما ما استشكله من تقديم المجاز على الإضمار، وتقديم الإضمار على النقل، فغير بين، فالمراد بالمجاز ما لا يعم النقل بدليل المقابلة، ووجه الترتيب بينهما، ما تقدم، ووجه تأخير الإضمار ما تقدم أيضا من توقفه على قرائن متعددة، مع أنه أقل في الكلام بكثير من المجاز والنقل.

وأما ما ذكره من أن المجاز نسخ للمعنى الأصلي فليس ببين، بل هو استعمال عارض للفظ في غير حقيقته، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وحيث ما قصد المجاز قد غلب … تعيينه لدى القرافي منتخب

ومذهب النعمان عكس ما مضى … والقول بالإجمال فيه مرتضى

معناه أن اللفظ إذا دار بين الحقيقة المرجوحة، والمجاز الراجح، لغلبة استعمال اللفظ فيه على استعماله في حقيقته، تعين عند أبي يوسف صاحب أبي حنيفة ـ رحمهما الله سبحانه وتعالى ـ حمله على المجاز، لرجحانه بغلبة الاستعمال فيه، واختاره القرافي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ.

وذهب أبو حنيفة ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ إلى أنه يحمل على حقيقته لأصالتها، ولا يحمل على المجاز إلا بقرينة خاصة أو نية.

وذهب الإمام الرازي والتاج السبكي ـ رحمهما الله سبحانه وتعالى ـ إلى أنه يكون مجملا، لترجح كل من وجه.

وانظر نقل القرافي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ لهذه المسألة مع قوله في التنقيح: كل مجاز راجح منقول، فمقتضى ذلك أن الدوران بين المجاز الراجح والحقيقة، هو عين الدوران بين الحقائق المختلفة (١).


(١) وسيأتي ذلك إن شاء الله ـ سبحانه وتعالى ـ في قوله ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ:
واللفظ محمول على الشرعي … إن لم يكن فمطلق العرفي
إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>