اللغة قبل ورود الشرع باستحقاق العبد العقاب بمخالفته أمر سيده.
ومذهب الجمهور ـ على ما ذكر في الإرشاد ـ أن الدال على ذلك اللغة والشرع معا، وذهب البلخي ـ كما في الإرشاد أيضا ـ وأبو عبد الله البصري، والجويني، وأبو طالب إلى أن الدال عليه الشرع خاصة، وذكر أن كلا من الفريقين استدل بالعقل والنقل، أما العقل فما تقدم من تقرر عصيان العبد بمخالفته أمر سيده، وأما النقل فما علم من استدلال السلف بالصيغة المجردة عن القرائن على الوجوب من غير نكير، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وكونه للفور أصل المذهب … وهْو لدى القيد بتأخير أبي
وهل لدى الترك وجوب البدل … بالنص أو ذاك بنفس الاول
وقال بالتأخير أهل المغرب … وفي التبادر حصول الارب
والارجح القدر الذي يشترك … فيه، وقيل إنه مشترك
وقيل للفور أو العزم، وإن … تقل بتكرار فوفق قد زكن
أشار بأول الأبيات، إلى أنه اختلف في الأمر المجرد عن القيد بالفور أو التراخي، إذا قلنا إنه لا يقتضي التكرار، فقيل: يقتضي الفور، فيجب الإتيان بالمأمور به في أول أوقات الإمكان، وهو مذهب البغداديين من أصحابنا، وأخذ للإمام مالك ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ من مسائل عديدة، وهو مذهب الحنابلة، وبعض الحنفية والشافعية.
وقوله: وهو لدى القيد بتأخير أبي، أشار به ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ إلى أن كونه للفور إنما هو حيث لم يقيد بالتراخي، وهو ظاهر.
وكذلك القول بالتراخي، فمحله عند القائل به: ما لم يقيد بالفور.
واختلف على هذا القول ـ أعني القول بكونه للفور ـ إذا أخر هل يلزم البدل بنفس الأمر، أو إنما يلزم بنص جديد؟
قال في الإرشاد: قال في المحصول: ومنشأ الخلاف أن قول القائل لغيره: افعل، هل معناه افعل في الزمان الثاني، فإن عصيت ففي الثالث، فإن عصيت ففي الرابع، ثم كذلك أبدا.
أو معناه في الثاني - يعني الذي يلي وقت الخطاب - من غير بيان حال الزمان