للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث، والرابع؟

فإن قلنا بالأول، اقتضى الأمر الأول الفعل في سائر الأزمان.

وإن قلنا بالثاني لم يقتضه.

والحق أن الأمر المطلق يقتضي الفعل من غير تقييد بزمان، فلا يخرج المكلف عن عهدته إلا بفعله، وهو أداء، وإن طال التراخي، لأن تعيين بعض أجزاء الوقت له لا دليل عليه، واقتضاؤه الفور لا يستلزم أنه بعد أول أوقات الإمكان قضاء، بل غاية ما يستلزمه أن يكون المكلف آثما بالتأخير عنه إلى وقت آخر.

وذلك هو قول الشيخ ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ: وهل لدى الترك وجوب البدل البيت.

وأما ما ذكره في الشرح من أن المراد بالبدل العزم فهو سهو، وقد تنبه لذلك في الحلي.

وذهب المغاربة من المالكية إلى أنه لا يقتضي الفور، فالمتراخي غير عاص، والمبادر ممتثل، وهو الصحيح عند الحنفية، وعزي إلى الإمام الشافعي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ وأصحابه، واختاره الرازي، والآمدي، وابن الحاجب، والبيضاوي ـ رحمهم الله سبحانه وتعالى أجمعين ـ.

قال ابن برهان ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ: لم ينقل عن الإمام أبي حنيفة والإمام الشافعي ـ رحمهما الله سبحانه وتعالى ـ نص، وإنما فروعهما تدل على ذلك، قاله في إرشاد الفحول.

وإلى قول المغاربة هذا أشار الشيخ ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بقوله: وقال بالتأخير أهل المغرب البيت.

قال في الإرشاد: وتوقف الجويني ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ في أنه باعتبار اللغة للفور أو التراخي، قال: فيمتثل المأمور بكل من الفور والتراخي، لعدم رجحان أحدهما على الآخر، مع التوقف في إثمه بالتراخي، لا بالفور، لعدم احتمال وجوب التراخي.

وقيل: إنه حقيقة للقدر المشترك بين الفور والتراخي، الذي هو طلب الماهية من غير تعرض لوقت، وذلك لأنه لا إشعار له بأحدهما على الخصوص، ولذلك حسن من السيد

<<  <  ج: ص:  >  >>