للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما من حيث كونها معينة، وهذه وظيفة الفقيه، وهي الموصلة القريبة إلى الفقه، والفقيه قد يعرفها بأدلتها إذا كان أصوليا، وقد يعرفها بالتقليد.

والاعتبار الثاني من حيث كونها كلية، أعني يعرف ذلك الكلي المندرج فيها، وإن لم يعرف شيئا من أعيانها، وهذه وظيفة الأصولي.

فمعلوم الأصولي الكلي، ولا معرفة له بالجزئي من حيث كونه أصوليا.

ومعلوم الفقيه الجزئي، ولا معرفة له بالكلي من حيث كونه فقيها، ولا معرفة له بالكلي إلا لكونه مندرجا في الجزئي المعلوم، وأما من حيث كونه كليا فلا.

فالأدلة الإجمالية هي الكلية، سميت بذلك لأنها تعلم من حيث الجملة، لا من حيث التفصيل، وهي توصله بالذات إلى حكم الإجمالي، مثل كون كل ما يؤمر به واجبا، وكل منهي عنه حراما، ونحو ذلك، وهذا لا يسمى فقها في الاصطلاح، ولا توصل إلى الفقه بالتفصيلي، وهو معرفة سنية الوتر، أو وجوبه، وبطلان بيع الغائب أو صحته ـ مثلا ـ إلا بواسطة.

ثم معرفة الأدلة من حيث كونها أدلة، لا بد معه من كيفية الاستدلال، (١) ومعظمها يذكر في باب التعارض والترجيح، فجعلت جزءا آخر من أصول الفقه، لتوقف الفقه عليها.

وليس كل أحد يتمكن من الاستدلال، ولا يحصل له الفقه بمجرد علم تلك الأدلة وكيفية الاستدلال، لأنها أدلة ظنية، ليس بينها وبين مدلولاتها ربط عقلي، فلا بد من اجتهاد يحصل به ظن الحكم، فالفقه موقوف على الاجتهاد، والاجتهاد له شروط يحتاج إلى بيانها، فجعلت جزءا ثالثا من أصول الفقه، لتوقف الفقه عليها اهـ بخ

وعرفه ابن الحاجب ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بأنه العلم بالقواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية اهـ

وقد اعترض الإضمار في قول بعض المؤلفين: أصوله، لأن أصول الفقه ـ علما ـ مفرد،


(١) فالأمر ـ مثلا ـ قد يعارضه معارض، فيحتاج في الاستدلال، إلى معرفة ما يكون به أحدهما مقدما على الآخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>