للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

تعدد الجناية، فهي كمن اقترض من شخص عشرة دراهم، ثم اقترض منه عشرة دراهم، فالعشرة الواحدة غير محصلة لمصلحة عشرتين، فلا تكفي في قضائهما، وهكذا.

وإذا كان حصول المصلحة بالمسبب الواحد محتملا، إما للاحتمال في تعيين المصلحة، وإما للاحتمال في حصولها على وجه تام، فهاهنا يكون الخلاف، كقذف الجماعة.

وينبغي أن يعلم أن الاكتفاء بالمسبب الواحد، إنما هو إذا كان تكرر السبب قبل حصول المسبب، وأما إذا حصل السبب ثانية بعد فعل المسبب، فلا بد من مسبب آخر، وإلا لم يكن سببا.

وإذا علمت ذلك، فبناء مسألة تكرر الحكاية بتكرر الأذان على هذا غير بين، فالقائل بسقوط الحكاية إنما بنى ذلك على أصل التخفيف في مواطن المشقة، كما سقط سجود التلاوة عن المتعلم في تكراره حزب السجدة مثلا، والله سبحانه وتعالى أعلم.

والامر لا يستلزم القضاء … بل هو بالأمر الجديد جاء

لأنه في زمن معين … يجي لما عليه من نفع بُني

وخالف الرازي إذ المركب … لكل جزء حكمه ينسحب

اختلف في الأمر المقيد بوقت، كافعل في يوم كذا، هل يقتضي إيقاع ذلك الفعل في ما بعد ذلك الوقت؟ لأنه أمر بمركب، هو الفعل، وكونه في وقت كذا، والأمر بالمركب أمر بأجزائه، فإذا تعذر البعض بقي الطلب متوجها بغيره، وهو مذهب الفخر الرازي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ وجماعة من الحنفية، وجماعة من الحنابلة والمعتزلة.

أو لا يقتضي ذلك، وهو مذهب الجمهور، فلا يلزم قضاؤه إلا بأمر جديد، لأن تقييده بالوقت لا يكون إلا لمعنى يختص به ذلك الوقت عن غيره من الأوقات، وإلا لصح قبل وقته.

وأما ما ذكر من التركب فهو مبني على أن المطلق والمقيد شيئان في الخارج، وهو أمر مختلف فيه.

والمعول أن الأمر بالفعل، لا يستلزم الأمر بقضائه، سواء قيد بوقت، أو لم يقيد به وقلنا إن الأمر يقتضي الفور، وهي المسألة المتقدمة في قوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>