والنهي لا يتواردان عليه في هذا التصوير، لأنه من جهة العصيان غير مكلف به، لأنه مسبب غير داخل تحت قدرته، فلا نهي إذ ذاك، ومن جهة الامتثال مكلف، لأنه قادر عليه، فهو مأمور بالخروج، وممتثل به.
وهذا معنى ما أراده الإمام ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ وما اعترض به عليه، وعلى أبي هاشم لا يرد مع هذه الطريقة إذا تأملتها والله سبحانه تعالى أعلم اهـ
وارتكب الأخف من ضرين .............................
معناه أنه إذا تقابل ضرران، فلم يكن من ارتكاب أحدهما بد، تعين ارتكاب الأخف، دفعا للأشد، وذلك كخرق سيدنا الخضر ـ على نبينا وعليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ـ سفينة اليتامى دفعا لغصبها.
قال في النشر: ومن ثم جبر المحتكر على البيع، عند احتياج الناس إليه، وجار المسجد إذا ضاق، وجار الطريق.
إلى أن قال: ومثل الضررين، المكروهان والمحظوران.
وجعل في الحلي الواجبين كذلك، وهو كذلك في ما يظهر.
وكذلك ينبغي أن يكون القول في تقابل مستحبين، فكما يرتكب الضرر المرجوح، اتقاء للضرر الراجح، كذلك تترك المصلحة المرجوحة، في سبيل تحصيل المصلحة الراجحة، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وتسمية المطلوب تركه مطلوبا، والمطلوب فعله منهيا عنه، باعتبار ما قبل التقابل، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وخيرنْ لدى استوا هذين
كمن على الجريح في الجرحى سقط … وضعَّف المكث عليه من ضبط
معناه أنه إذا استوى الضرران، كان المكلف بالخيار، ومن أمثلة ذلك الساقط على جريح من جرحى، إن مكث فوقه قتله، وإن تحول عنه وقع على آخر يقتله، إذ لا يجد محلا يعتمد عليه إلا بدن جريح، فهو مخير بين المكث والانتقال.
وقيل: يجب عليه المكث على من وقع عليه، لأن الانتقال فعل مستأنف.