وقال القاضي أبو بكر الباقلاني وإمام الحرمين ـ رحمهما الله سبحانه وتعالى ـ إن ذلك اسم مركب للباقي بعد التخصيص، فالسبعة مثلا لها اسمان: اسم مفرد، وهو السبعة، واسم مركب، وهو عشرة إلا ثلاثة.
وعلى هذا القول فليس في هذا تخصيص أصلا، وهذا هو مختار أبي إسحاق الشاطبي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ في موافقاته، فالعام المخصوص كله عنده إنما يراد به الخصوص، قال: فالأصوليون إنما اعتبروا صيغ العموم بحسب ما تدل عليه في الوضع الإفرادي، ولم يعتبروا حالة الوضع الاستعمالي، حتى إذا أخذوا في الاستدلال على الأحكام رجعوا إلى اعتباره.
ونصه: التخصيص إما بالمنفصل أو بالمتصل.
فإن كان بالمتصل، كالاستثناء، والصفة، والغاية، وبدل البعض، وأشباه ذلك، فليس في الحقيقة بإخراج لشيء، بل هو بيان لقصد المتكلم في عموم اللفظ، أن لا يتوهم السامع منه غير ما قصد، وهو ينظر إلى قول سيبويه ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ: زيد الأحمر، عند من لا يعرفه، كزيد وحده، عند من يعرفه.
وبيان ذلك أن زيدا الأحمر، هو الاسم المعرف به مدلول زيد، بالنسبة إلى قصد المتكلم، كما كان الموصول مع صلته هو الاسم، لا أحدهما، وهكذا إذا قلت: الرجل الخياط، فعرفه السامع، فهو مرادف لزيد، فإذا المجموع هو الدال، ويظهر ذلك في الاستثناء، إذا قلت: عشرة إلا ثلاثة، فإنه مرادف لقولك: سبعة، فكأنه وضع آخر عرض حالة التركيب، وإذا كان كذلك، فلا تخصيص في محصول الحكم، لا لفظا ولا قصدا اهـ
وبه تعلم أنه لا يراد أن ذلك اسم مركب من ثلاثة ألفاظ.
وقيل: العشرة في هذا التركيب: العشرة باعتبار أفرادها، ثم أخرجت الثلاثة بقوله: إلا ثلاثة، فأسند لفظا إلى العشرة، ومعنى إلى السبعة، فكأنه قيل: له علي الباقي من عشرة أخرج منها ثلاثة، فليس في ما حكم عليه ـ وهو السبعة ـ إلا الإثبات، وإنما النفي في الثلاثة المخرجة، ولا إثبات فيها أصلا، وهو اختيار ابن الحاجب والتاج السبكي ـ رحمهما الله سبحانه وتعالى ـ وذلك لإجماع النحاة على أن الاستثناء إخراج، والثلاثة على قول الأكثر