ومقتضى ما سيأتي، أنه إذا تعدد المستثنى منه في هذه المسألة، تكون الاستثناآت عائدة إلى كل مستثنى على حدته، فإذا قال: له علي عشرة وعشرة إلا أربعة، وإلا ثلاثة، وإلا اثنين، لزمه اثنان، وقد صرح بذلك البناني ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ والله سبحانه وتعالى أعلم.
وكذلك بقية هذه المسائل، والله سبحانه وتعالى أعلم.
هذا واعلم أن العطف إنما يكون بين الاستثناآت، وأما عطف الاستثناء على المستثنى منه، فهو مبطل للاستثناء اتفاقا، كما في الإرشاد عن الأستاذ أبي إسحاق الاسفرائيني ـ رحمهما الله سبحانه وتعالى ـ وذلك نحو: له علي عشرة، وإلا واحدا، فتلزم العشرة كلها، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وإذا تعدد الاستثناء من غير تخلل حرف عطف، كان كل واحد منها راجعا لما قبله، وذلك لقربه منه، فإذا قال: له علي عشرة إلا ستة إلا أربعة، كان مقرا بثمانية، لأن الأربعة خارجة من الستة، لا من العشرة، فكأنه قال: له علي عشرة إلا اثنين، وإلى هذا أشار ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بقوله:
إلا فكل للذي به اتصل ...........................
وهذا ما لم يمنع من ذلك مانع الاستغراق، فإن كان هناك استغراق نظر، فإن استغرق كل ما يليه، نحو: له علي عشرة، إلا عشرة، إلا عشرة، بطل الجميع، ولزمت العشرة، وإلى ذلك أشار ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بقوله:
وكلها عند التساوي قد بطل
وإن كان المستغرق هو ما بعد الأول، كان ذلك قرينة على عود الاستثناآت كلها للمستثنى منه أولا، كمسألة التعاطف، نحو: له علي عشرة، إلا اثنين، إلا ثلاثة، إلا أربعة، فيلزم واحد، لأن مجموع الخارج في الاستثناآت تسعة.
وإلى هذا أشار ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بقوله:
إن كان غير الأول المستغرقا … فالكل للمخرج منه حققا