حديث " لا صيام لمن لم يجمع الصيام قبل الفجر "(١) على الصيام قضاء، والصيام عن نذر، وهو المراد بالالتزام، وذلك لجواز صوم رمضان، وصوم التطوع عندهم بنية في النهار.
ووجه البعد: أنه قصر للعام النص في العموم ـ وهو " لا صيام " الذي هو نكرة مركبة مع لا النافية للجنس ـ على صورة نادرة، فالصيام المذكور نادر بالنسبة لصيام رمضان، لأنه إنما يكون لأسباب عارضة، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وذو وضوح محكم، والمجمل … هو الذي المراد منه يجهل
أشار ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بهذا إلى ما تقدم في شرح ترجمة البحث من تفسير المحكم والمجمل، فذكر أن المحكم: هو اللفظ المتضح الدلالة على معناه، وأن المجمل: هو ما له دلالة غير ظاهرة من قول أو فعل.
قال في الإرشاد: الإجمال إما أن يكون في حال الإفراد، أو التركيب.
والأول إما أن يكون بتصريفه، نحو: قال من القول والقيلولة، ونحو مختار، فإنه صالح للفاعل والمفعول، قال العسكري: ويفترقان، تقول في الفاعل: مختار لكذا، وفي المفعول: مختار من كذا، ومنه قوله سبحانه وتعالى جل من قائل:(لا تضار والدة بولدها)(ولا يضار كاتب ولا شهيد)
وإما أن يكون بأصل وضعه، فإما أن تكون معانيه متضادة كالقرء، للطهر والحيض، والناهل للعطشان والريان، أو متشابهة غير متضادة، فإما أن يتناول معاني كثيرة بحسب خصوصياتها، فهو المشترك، وأما بحسب معنى تشترك فيه فهو المتواطئ.
وكما يكون في المفردات يكون في المركبات، نحو قوله سبحانه وتعالى جل من قائل:(أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح) لتردده بين الزوج والولي، ويكون أيضا في مرجع الضمير، ويكون في الصفة، نحو طبيب ماهر، لترددها بين أن تكون للمهارة مطلقا، أو للمهارة في الطب، ويكون في تعدد المجازات المتساوية مع مانع يمنع من حمله على حقيقته اهـ
(١) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والإمام مالك والدارمي والإمام أحمد بألفاظ متقاربة، وهو حديث صحيح.