معناه أن المتشابه هو ما استأثر الله ـ سبحانه وتعالى ـ بعلم معناه، بناء على أن الوقف في قوله سبحانه وتعالى جل من قائل:(وما يعلم تأويله إلا الله) على اسم الجلالة، وهو مذهب الجمهور، قالوا: ولا ينافي ذلك حصول العلم به لبعض الأولياء مثلا، كما أشار إليه ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ بقوله:
وإن يكن علم به من عبد … فذاك ليس من طريق العهد
كأنه يشير إلى أن ذلك من قبيل الصورة النادرة، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وقد يجي الإجمال من وجه، ومن … وجه يراه ذا بيان من فطن
معناه أن النص قد يكون محكما من جهة، مجملا من جهة، بل هذا هو شأن أكثر النصوص، ومثاله قوله سبحانه وتعالى جل من قائل:(أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) فهو واضح في وجوب الدعيمتين، مجمل في تفاصيل الأحكام، كذا للقرافي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ في التنقيح.
وقال إمام الحرمين ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ في البرهان: المجمل على أقسام:
فقد يكون اللفظ مجمل الحكم والمحل، كقولك: لفلان في بعض مالي حق، فالحكم ـ وهو الحق ـ مجهول، والمحل ـ وهو بعض المال ـ مجهول.
ومنها أن يكون الحكم مجهولا، والمحل معلوما، كقوله سبحانه وتعالى جل من قائل:(وآتوا حقه يوم حصاده) فالمحل الذي هو مورد الحق معلوم، وهو الزرع، والحكم الذي وقع التعبير عنه بالحق مجهول القدر والصفة والجنس.
ومنها ما يكون الحكم منه معلوما، والمحل مجهولا، كقول القائل لنسائه: إحداكن طالق، أو لعبيده: أحدكم حر، فالحكم الطلاق والعتاق، وهو معلوم، ومحلهما مجهول.
ومنها ما يكون المحكوم فيه معلوما، والمحكوم له، وبه، مجهولين، ومنه قوله سبحانه وتعالى جل من قائل:(ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا) فالمحكوم فيه القتيل، والمحكوم له الولي، وهو مجهول، وكذلك المحكوم به مجهول، لأن السلطان مجهول في وصفه اهـ