للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وشربه قائما (١) مع نهيه عن الشرب من القيام، (٢) ووضوئه مرة مرة، (٣) ومرتين مرتين، (٤) وصلاته في آخر الوقت، في حديث " ما بين هذين وقت " (٥) فصار في حقه صلى الله تعالى عليه وسلم قربة، لوجوب البيان عليه صلى الله تعالى عليه وسلم.

وفعله المركوز في الجِبِلَّه … كالاكل والشرب فليس مِلَّه

من غير لمح الوصف والذي احتمل … شرعا ففيه قل تردد حصل

فالحج راكبا عليه يجري … كضجعة بعد صلاة الفجر

الجبلة ـ بكسر الجيم، والباء، وفتح اللام مشددة ـ: الخلقة والطبيعة، والملة ـ بكسر الميم وفتح اللام مشددة ـ: الشريعة.

والمعنى أن فعل النبي ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ ينقسم إلى جبلي، وغيره.

فالجبلي كالأكل، والشرب، والنوم، والقيام، والقعود، لا يعتبر تشريعا، لاستلزام الجبلة له، فلا يقتضي أكثر من الجواز، ولا يؤمر بالتأسي به فيه، ونقل القاضي أبو بكر الباقلاني ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ عن قوم أنه مندوب، وكذا حكاه أبو حامد الغزالي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ في المنخول، وقد كان عبد الله بن عمر - رضي الله سبحانه وتعالى عنهما - يتتبع مثل هذا، ويقتدي به، كما هو معروف عنه، منقول في كتب السنة المطهرة، قاله في الإرشاد.

وهذا بالنظر إلى أصل الفعل، وأما بالنظر إلى الوجه الخاص الذي وقع عليه، منه ـ صلى الله تعالى عليه وسلم ـ فهو تشريع مأمور بالتأسي به فيه، ككونه يمشي كالمنحط من صبب، (٦) وكونه ينام في الوقت كذا.


(١) متفق عليه.
(٢) رواه مسلم.
(٣) رواه البخاري وأبو داوود والترمذي والسائي وابن ماجة والدارمي والإمام أحمد كلهم من حديث ابن عباس ـ رضي الله سبحانه وتعالى عنهما ـ.
(٤) متفق عليه من حديث عبد بن زيد بن عاصم ـ رضي الله سبحانه وتعالى عنه ـ.
(٥) رواه النسائي، والإمام مالك، والإمام أحمد، وهو حديث صحيح.
(٦) رواه الترمذي والإمام أحمد، وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>