للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولذلك اختار ابن المنير - رحمه الله سبحانه وتعالى - أن القياس في الأسباب من قبيل تنقيح المناط، وأنه لا ينبغي أن يقع في الجواز خلاف من حيث المعنى، ونصه:

وإذا فرضنا القياس في الأسباب، فلا بد أن نفرض فيها جهة عامة، كالإيلاج، وجهة خاصةككونه فرجا لآدمية، وهو الذي يسمى بلفظ السبب، ويتناول أمرين أعم وأخص، ولا ينتظم القياس إلا بحذف الأخص عن درجة الاعتبار، ليتغير الأعم، إذ لو كان الأخص باقيا على تقييده، لاستحال القياس، وإذا حذف الأخص عن كونه مراد اللفظ، بقي الأعم، وهو مراد النص، وحينئذ يكون القياس في الأسباب تنقيح مناط، وتنقيح المناط حاصله تأويل ظاهر، وهو يتوقف على دليل، فينبغي أن يقع الاتفاق على قبول المسلك الذي سماه من سماه قياسا في الأسباب، لاتفاقنا على قبول تأويل الظاهر بالدليل، فلا حجر في التسمية، ولا منع من تسميته قياسا، لأن فيه صورة النطق في موضع، والسكوت في موضع، ووجود قدر مشترك بين الموضعين، وهو سبب الاشتراك في الحكم، غير أن امتياز المحلين نطقا وسكوتا، إنما كان مبنيا على الظاهر الذي قام الدليل على أنه غير مراد، فلهذا تكدرت التسمية، والخطب يسير اهـ من البحر المحيط بتصرف.

وامتناع القياس في الأسباب، منسوب أيضا لأصحاب الإمام أبي حنيفة - رحمه الله سبحانه وتعالى - وجماعة من الشافعية، وكثير من أهل الأصول، كما في الإرشاد.

وجوازه منسوب لأكثر الشافعية.

ومثال القياس في السبب: ما تقدم من إلحاق النباش بالسارق.

ومثال القياس في الشروط: قياس استقصاء الأوصاف في بيع الغائب، على الرؤية.

ومثال القياس في الموانع: قياس فقر مالك نصاب العين، أو كونه ذا عيال، على كونه مدينا.

وغيره للاتفاق ينسب

معناه أن غير ما ذكر من الرخص، والأسباب، والشروط، والموانع، يجوز فيه القياس باتفاق، دينيا كان أو دنيويا.

والذي تقتضيه تفاريع المذهب أن المدار على معقولية المعنى، فمتى عقل وتعدى،

<<  <  ج: ص:  >  >>