للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

مثال النهي: قوله سبحانه وتعالى جل من قائل: (فلا تقل لهما أف) فهو مقتض لحرمة ما هو أبلغ منه في الأذية، التي هي المعنى الموجب للنهي، كالضرب بالأولى والأحرى. ومثاله في النفي في سياق الخبر: قوله سبحانه وتعالى جل من قائل: (ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك) فانتفاء الأمانة في الدينار، يقتضي انتفاءها في القنطار بالأولى. ومثاله في سياق الإثبات: قوله سبحانه وتعالى جل من قائل: (ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك) فثبوت الأمانة في القنطار، يقتضي ثبوتها في الدينار بالأولى، وعلى هذه الطريقة، فمفهوم الموافقة خاص بالأولى، وإن كان المساوي مثله في الاحتجاج، ويسمى مفهوم مساواة.

فالمفاهيم على هذا ثلاثة: موافقة، ومساواة، ومخالفة، وهذا معزو للأكثرين، وأشار إلى المشهور من تقسيم مفهوم الموافقة إلى أولى ومساو، بقوله:

وقيل ذا فحوى الخطاب، والذي … ساوى بلحنه دعاه المحتذي

ومعنى هذا أن منهم من ذهب إلى أن مفهوم الموافقة نوعان:

أولى، ويسمى فحوى الخطاب، وهو ما تقدم.

ومساو، ويسمى لحن الخطاب، وهو ما يكون حكم المسكوت فيه، مساويا لحكم المنطوق، مع الاستواء في المعنى الذي هو مناط الحكم.

وذلك كإتلاف مال اليتيم بغير الأكل، المفهوم تحريمه من تحريم أكله، المستفاد من الوعيد عليه، في قوله سبحانه وتعالى جل من قائل: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا) لمساواته له في تفويته عليه.

دلالة الوفاق للقياس … وهْو الجلي تُعزى لدى أناس

وقيل للفظ مع المجاز … وعزوها للنقل ذو جواز

اختلف في الدلالة على مفهوم الموافقة، هل هي لفظية أو لا؟

فنقل عن الإمام الشافعي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ وجماعة: أنها قياسية، فحرمة الضرب إنما فهمت بالقياس الجلي على حرمة التأفيف، بجامع الإيذاء، وليست مفهومة من اللفظ، وذلك لتوقفها على النظر إلى المعنى الذي هو مبنى الحكم في المنطوق.

<<  <  ج: ص:  >  >>