أنت لم تنسب بها، إنما نسبت بنفسك؛ إنما كان ينبغى أن تقول: قلت لها، فقالت لى، فوضعت خدّى فوطئت عليه.
حدثنى على بن هارون، قال: أنشدنى المفضّل بن سلمة لعمر بن أبى ربيعة «٧٧» :
عاود القلب بعض ما قد شجاه ... من حبيب أمسى هواه هواه [١٠٣]
ما ضرارى نفسى بهجرة من لي ... س مسيئا ولا بعيدا نواه
واجتنابى بيت الحبيب وما ... الخلد بأشهى إلىّ من أن أراه
قال: وكان المفضّل يضع من شعر عمر فى الغزل، ويقول: إنه لم يرقّ كما رقّ الشعراء؛ لأنه ماشكا قطّ من حبيب هجرا، ولا تألّم لصدّ؛ وأكثر أوصافه لنفسه وتشبيبه بها، وأنّ أحبابه يجدون به أكثر مما يجد بهم، ويتحسرون عليه أكثر مما يتحسر عليهم؛ ألا تراه فى هذا الشعر- وهو من أرقّ أشعاره- قد ابتدأه بذكر حبيب هواه هواه، ووصف أنه هو هجره من غير إساءة، واجتنب بيته مع قربه، وفى غير ذلك يقول:
قد عرفناه وهل يخفى القمر
يصف وصفهنّ إياه بالحسن. ويقول:
قالت لقيّمها وأذرت عبرة ... مالى ومالك يا أبا الخطّاب
أطمعتنى حتى إذا أوردتنى ... حلأتنى «٧٨» ولم استتمّ شرابى
حدثنى محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، عن الزبير بن بكار، قال:
كتب إلىّ عبد الله بن عبد العزيز بن محجن بن نصيب يقول: حدثتنى عمتى عوضة بنت النصيب أنّ أباها جلس مع إبراهيم بن عبد الله بن مطيع بودّان، فقال له إبراهيم: يا أبا محجن، ألا تخبرنا عنك وعن أصحابك؟ قال: بلى، جميل أصدقنا شعرا، وكثيّر أبكانا على الظّعن، وابن أبى ربيعة أكذبنا، وأنا أقول ما أعرف.