هذه المسألة هي مسألة الجارية الواقعة لشيخنا قاضي الجماعة الحافظ أبي القاسمبن سراج، أبقىالله بركته، ووقع فيها بينه وبين الكثير من معاصريه ممن يشاركه في النظر في الفقه وممن لا يشاركه، وصدر فيها من أجوبتهم، ما اشتهر في ذلك الوقت.
وصورة مسألة الجارية المنبهِ عليها: أنَّ تاجراً من هؤلاء السفارة ترك جارية له كان قد تسراها بغرناطة، وغاب عنها إلى ناحية تونس بقصد حاجةٍ مَّا، فطالت غيبتُه بها وصارت الجاريةُ تَدَّعِي أنها بحال ضياع، فكفلها بعضُ حاشيةِ السلطان، ممَّن له وجاهةٌ في الدولة، وكتب على سيدها النفقة، إلى أنْ تَجملَ له قِبَلَهْ قريب من مقدار ثمنها، فرفع أمره إلى القاضي، وأثبت ديْنه ذلك المترتب من النفقة وغيبة مالك الجارية وصحة ملكه إيَّاها وحَلَف على المتجمل له وَقُوّمت الجارية وصُيِّرتْ في النفقة لكافلها، فأعتقها وتزوجَها، ووقف للتاجر ما فضل من ثمنها، وكان قليلاً، ثم قَدِم التاجرُ مالكُها الأول بعد بيعها بأشْهُر، فتظلَّم من بيع الجارية على هذه الصورة، وادَّعى أنَّه ترك لها ما تقوم به لأكثر مدة مغيبه، وأنها صَناع اليدين يمكنها إثبات نفقتها بعد نفاد ما ترك لها من صنعة يدها، وما أشبه هذا من الدعاوى التي ربما لم تثبت له، وكان يتعلق من الدولة بجهة لا تقصر عن تعلق خصمه، فكان هذا الخصام متكافئاً في الاستظهار بالوجاهة بين هذين الخصمين اللذين بغى بعضهما على بعض، وعَزَّ أحدُهما صاحبَهُ في