أن الجدةَ للأم أولَى بالحضانة. وقال المشاوَر: يُنظرُ إلى الأرفق بالصبي، لأنهما وليان جميعاً؛ فوجه القول الأول البقاء مع الأصل في أن الجدة للأم أولى بالحضانة مقدمة في الحضانة.
ويعضد هذا القولَ، القولُ بأن الحضانةَ حق للحاضن، ووجه الثاني أنَّ الحضانةَ أصلُها الرفق بالمحضون، ولذلك قدم فيها النساء على الرجال لما ظهر من الشفقة والحنان وحسن القيام على التربية، ويعضده القول بأن الحضانةَ حقٌ للمحضون، وقيل: إنها حق لهما معاً.
والظاهر عندي في هذه المسألة المسؤول عنها: أنه إن كان بقاء الصبية مع جدتها للأم يؤدِي إلى الإجحافِ بها في يسارةِ مالها، ويُخاف أن يُباعَ عليها وتصيرَ فقيرةً من فقراء المسلمين، وكانت جدة الأب تلتزم نفقتها وجميعُ مؤنها وهي في الرفق بها وحسن التربية بمنزلة الجدة للأم، والأب ضعيف لا كبير مال معه يواسيها به، أن تنتقل حضانتُها إلى جدة الأب، ولا تمنع من زيارة جدتها للأم والمقام معها في بعض الأيام. وإن كان لا يؤدي إلى الإجحاف بها كثيراً وكان لأبيها من أن يواسيها وامتنع من ذلك بخلاً منه، لا إضرار بجدة الأم أن تبقى معها ولا تنتقل
إلى الجدة للأب، والنظر في ذلك إلى القاضي، أعانهالله ووفقه، فيما يظهر له من مخايل الأمور والأحوال وما يثبت عنده في ذلك.