للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأجاب: الجواب وبالله التوفيق أنه إن ثبت فيمن فقد من المسلمين المسؤول عنهم أعلاه أنه كان في العسكر متوجهاً للقتال، ورُئي في المعترك، أن الحكم بموته وقسم ماله وتزوج زوجته كما ذُكر في السؤال، صحيح، سواء شهد فيه على التخصيص أنه مات أو شهد بالسماع المستفيض، فقد أفتى القاضي أبو عبد اللهبن الحاج رحمهالله في بعض المغازي الواقعة بأرض الأندلس بين المسلمين والكفار في رجل شُهد فيه بالسماع الفاشي أنه استشهد في تلك الواقعة، وثبت رسم آخر أنه رُئي في العسكر، أنه يحكم بموته في تاريخ ثبوت موته على السماع ويرثه ورثته الأحياء يومئذ، ولا يحكم بموته الآن، ولا يُعمَّر كما يُعمَّرُ المفقودُ وليس لزوجته نفقةٌ في ماله، هي كالمتوفَّى عنها زوجُهَا.

وذكر اللخمي فيمن فقد في زمن الطاعون وفيمن توجه إلى بلد فيه طاعون أنه يحمل أمره على الموت، فتعتد امرأته ويقسم ماله، قال: وذكر بعض أصحابنا عن مالك أن الناسَ أصابتهم سنةً بطريق مكة سعالٌ. وكان الرجل لا يسعل إلا يسيراً حتى يموت فمات في ذلك عالم وفقد ناس ممن خرج فلم يأت لهم خبر حياة ولا

موت، فرأى أن تُقسم أموالُهم ولا يضرب لهم أجل المفقود ولا غيرُه، فهذا بعضُ ما حكم فيه في هذه النازلة، ويدل على أنه مبني على غلبة الظن في ذلك، فما حكم به صحيح لا مجال فيه لاعتراض معترض.

<<  <   >  >>