ومن يرُدُّون سُنَّةَ الآحاد في العقائد والمعجزات، وبهذا يكون قد وضعهم في عداد المفترين على السُنَّة النبوية.
وهذا الاستدلال غير صحيح، فلا تلازم بين المقدمة والنتيجة، ومع هذا فقد يفتري بعض العلماء على السُنَّة، وهم يحسبون أنهم يدافعون عنها كما فعل من ذكرنا في الفصل السابع والتاسع، وقد يظلم الإنسان نفسه ببعض الأعمال ولا يدرك ذلك. قال تعالى:{ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ}[فاطر: ٣٢].
إنَّ هذه الاعتراضات وإنْ كانت لها أسباب أخرى عند بعض النقاد قد تجنح في كثير منها نحو الحزبية، إلاَّ أنها كانت سبباً في إعادة البحث في هذه الأمور وغيرها، وفي إضافة صفحات وبنود عن سُنَّة الآحاد، وعن الفتنة الكبرى، وعن مسألة تحريف القرآن، ومصحف فاطمة، وعن العصمة والبداء.
ونرجو أنْ يدرك أصحاب الرأي المخالف أنَّ الحد الأدنى من شعب الإيمان بين المسلمين على اختلاف مذاهبهم، هو إصلاح النفوس حتى لا تحمل بغضاً ولا يبقى في قلوبنا غلٌّ للذين آمنوا بالله ورسوله. كما أنَّ نفي الكفر عن مذهب أو طائفة لا يعني صحة جميع ما لديهم ولا يتضمَّن الحكم بالإسلام لمن أظهر كفراً بواحاً لنا فيه برهان من الله تعالى.