للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يخضع لمراحل متعددة من النقد في السند وفي الدلالة وفي المقارنة وفي الصدور، فإذا سلم الحديث في هذه المراحل جميعًا يؤخذ به» (١).

وإذا وجب هذا التمحيص لقبول قول رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلماذا يقرر إعفاء أقوال الأئمة من هذا التمحيص ومن اشتراط الإسناد والعدالة والضبط؟ لقد روى الإمام أحمد (*) عن منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد الله (أي الإمام جعفر) هل يكون اليوم شيء لم يكن في علم الله بالأمس؟ قال: لا. من قال هذا أخزاه الله» (٢).

حَوْلَ تَحْدِيدِ آلِ البَيْتِ:

إن سند علماء الشيعة في عصمة الأئمة كما ذكر الشيخ [الآصفي] وغيره، ينحصر في قول الله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [سورة الأحزاب، الآية: ٣٣]، وفي حديث: «تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا: كِتَابَ اللَّهِ، وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي».

فمن هو أهل البيت الوارد ذكرهم في النصين المذكورين؟

يرى علماء الشيعة حصر آل البيت في عَلِيٍّ وفاطمة وابنيهما، أما زوجات النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقد أخرجوهن من أهل البيت بينما القرآن الكريم قد خَصَّهُنَّ بوصف أهل البيت، ويقول الشيعة: إن الحديث النبوي نسخ القرآن في ذلك حيث قال النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَهْلُ بَيْتِي: عَلِيًّا وَفَاطِمَةُ وَالحَسَنُ وَالحُسَيْنُ».

إن هذا الحديث لم ينسخ الآية القرآنية فلا تعارض بينهما إذ أن وصف أهل البيت يشمل زوجات النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويشمل من ورد ذكرهم في الحديث النبوي.

ومع هذا لو اقتصر علماء الشيعة على حصر العصمة في الإمام عَلِيٍّ والسيدة فاطمة الزهراء والحسن والحسين، لما حدثت الفتن والاضطرابات والخلافات.

فالشيخ الآصفي يقول: «ويستمر هذا الامتداد المعصوم من الكذب والخطأ في تبليغ أحكام الله إلى يوم القيامة ضمن نطاق أهل بيت رسول الله، وفي كل عصر منهم، إمام يعود الناس إليه في معرفة أحكام الله وحدوده» (٣).


(١) المرجع السابق: ص ١٠٠.
(٢) " المسند ": ج ١ ص ٧٣، طبع بيروت، نقلاً عن كتاب " الإمام الصادق " للشيخ محمد أبو زهرة: ص ٢٣٦.
(٣) " السنة المفترى عليها ": ص ١٢٧.

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) لم أجده في " مسند أحمد " وإنما هو من مصادر شيعية ربما يكون للطوسي أو " أصول الكافي " للكُليني، [أخطأ في اعتباره " مسند أحمد "، حتى في كتاب أبي زهرة وقع ذكر " المسند " لا على أنه " مسند أحمد "، وإنما ذكر المسند مع ذكر الجزء والصفحة]. (انظر " الإمام الصادق " للشيخ محمد أبو زهرة: ص ٢٣٦، مطبعة علي أحمد مخمير - مصر).

<<  <   >  >>