إنَّ سكوت النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - له حكمة بالغة وهو إقرار الاجتهاد في فهم النص الشرعي إذا كان النص يقبل التأويل وغير قطعي الدلالة، لأنَّ افتراض عدم العمل بالنص الشرعي إلاَّ إذا اجتمعت الأُمَّة على معناه فيه تعطيل لهذا الدين القيم إذا ما اختلف أحد في فهم بعض النصوص أو أكثرها، وهذا الخلاف محتمل وأمر طبيعي لاختلاف عقول الناس وإدراكهم، لهذا روى البخاري ومسلم أنَّ النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ».
إنَّ هذا المنهج قد غفلت عنه بعض الجماعات الإسلامية المعاصرة وبالتالي بذلت جهداً كبيراً في الطعن على الجماعات الإسلامية الأخرى التي تخالفها في فهم بعض النصوص الشرعية، بل من الجماعات من يعلن أنَّ ما هم عليه من التمسُّك بالسُنَّة العملية يعجعلهم الجماعة الوحيدة الناجية وغيرهم يصبح من الفرق الضالة الداخلة في النار، بل منا من جعل بعض فروع الإسلام أصولاً عقائدية يكون العمل في دائرتها جهاداً في سبيل العقيدة يقدم على القتال والجهاد بالمدفع.
ومن أفراد الجماعات الإسلامية من تبنَّى فهماً للنصوص التي تقبل الخلاف. وفرض هذا الفهم على أفراد جماعتهم، وقيل لهم: يأثم من خالفه لأنه في نظرهم الفهم القاطع، وبذلك يصبح الفرد مخيَّراً بين الأخذ