للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن بحث في كتب لم يُبَيِّنْهاوتناقضات لا يؤمن بها فذلك غير مقبول، وهو علَّةُ العلل في عصرنا إذ يكتفي كل منا بتوجيه النقد اللاذع دون أنْ يدرك أنه مسؤول أيضاً مثل غيره، تماماً إنْ لم تكن مسؤوليته أشد لأنه علم ما لم يعلم غيره وأقدر عن غير العالم.

أَطْفَالُ المُشْرِكِينَ:

إنَّ أدنى مراجعة لبعض كتب السُنَّة بشأن أطفال المشركين نجد قول النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «هُمْ تَبَعٌ لآبَائِهِمْ» أو «هُمْ مِنْهُمْ» (١) ورد جواباً على سؤال عن هؤلاء الأطفال عند القتال، وقد نهى النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن قتل النساء والصبيان (٢) وكان جوابه: «هُمْ تَبَعٌ لآبَائِهِمْ»، أي لا يمكن وقف القتال لوجود أطفال بين المشركين، أما بعد انتهاء المعركة فقد روى أحمد والنسائي أنَّ النبي قال: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَنَاوَلُونَ الذُّرِّيَّةَ؟»، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا هُمْ أَبْنَاءُ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: «إنَّ خِيَارَكُمْ أَبْنَاءُ الْمُشْرِكِينَ، أَلاَ إِنَّهَا لَيْسَتْ نَسَمَة تُولَدُ إِلاَّ وُلِدَتْ عَلَى الْفِطْرَةِ فَمَا تَزَالُ عَلَيْهَا حَتَى يُبَيِّنُ عَنْهَا لِسَانُهَا» وفي هذا روى مسلم الحديث القدْسيَّ: «وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ» (*) كما قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء: ١٥] وقال النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ» (٣) ولهذا فما قيل عن التعارض هنا ليس صحيحاً (٤).


(١) و (٢) الحديثان في " صحيح مسلم " كتاب الجهاد.
(٣) رواه " البخاري " في باب الجنائز، و " مسلم " في باب القدر وأحمد في " مسنده ": ج ٣ ص ٤٣٥.
(٤) قاله عبد الجليل عيسى في " اجتهاد الرسول ": ص ٨١.

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) لم ترد كلمة (مسلمين) في " صحيح مسلم "، انظر الحديث رقم ٢٨٦٥، ٤/ ٢١٩٧ وإنما هي من شرح محمد فؤاد عبد الباقي.

<<  <   >  >>