وقد ذكر أنه لا حرج أن يستوعبوا من الأحاديث ما لم يستوعبه سائر الصحابة. ولكن أئمة الشيعة الذين عاصروا النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويمكن أن ينقلوا عنه هم الأربعة (علي وفاطمة والحسن والحسين - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ -) وهؤلاء روايتهم للحديث النبوي قليلة ومحدودة بشهادة كتب الشيعة، فأكثر الأحكام ينقلونها عن باقي الأئمة الذين لم يعاصروا النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهم ستة رجال.
فهل يمتد عصر التشريع إلى ما بعد عصر النبوة حتى يملك هؤلاء التشريع؟ يقول الإمام محمد باقر الصدر في كتابه " تعارض الأدلة " ص ٣٠: «ثَبَتَ فِي مَحَلِّهِ انْتِهَاءَ عَصْرِ التَّشْرِيعِ بِانْتِهَاءِ عَصْرِ النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّ الأَحَادِيثَ الصَّادِرَةَ عَنْ الأَئِمَّةِ المَعْصُومِينَ لَيْسَتْ إِلاَّ بَيَانًا لِمَا شَرَعَهُ النَّبِيُّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الأَحْكَامِ وَتَفَاصِيلِهَا»(١).
لما كان ذلك فإن الأحكام الشرعية الورادة في كتب الشيعة أو في غيرها من الكتب، لا حجة فيها إلا إذا استندت إلى نص صريح من القرآن الكريم أو السنة النبوية.
والأحاديث النبوية لا تعلم بالفراسة أو الإلهام أو الرؤيا إنما تعلم برواية الثقة عن غيره من الثقات حتى تتصل بالنبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولهذا يجب ذكر أسماء الرواة حتى يعلم مدى عدالتهم وبالتالي مدى قبول روايتهم، وفي هذا يوقل الشيخ محمد جواد مغنية وهو أحد علماء الشيعة المعاصرين:«إِنَّ عُلَمَاءَ السُنَّةِ وَالشِّيعَةِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ قِيَاسَ العَمَلِ بِالحَدِيثِ هُوَ الثِّقَةُ بِصِدْقِ الرَّاوِي وَأَمَانَتِهِ فِي النَّقْلِ، سُنِّيًّا كَانَ أَوْ شِيعِيًّا، تَمَامًا كَالحِكْمَةِ يَأْخُذُهَا المُؤْمِنُ أَنَّى وَجَدَهَا»(١). فصدق الراوي وأمانته شرط جوهري في قبول ما يسنده من الأحاديث إلى النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولهذا لا يقبل الحديث إذا
(١) من مقال له في " اللواء الأردنية " بتاريخ ٧/ ١ / ١٩٨٧ م.