أخفى الراوي أحد الأشخاص الذين روى عنهم، ومن باب أولى لا يقبل من أحد نسبة حديث إلى النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قرون إلا إذا ذكر أسماء الرواة في جميع الطبقات من عصره إلى عصر النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأن هذا الشخص حتى لو كان من أئمة الشيعة لا يمكن أن يستوعب الأحاديث النبوية ولا أن يتلقاها عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مباشرة حيث لم يكن معاصرًا له كما أنه لا يقول الشيعة باستمرار الوحي حتى آخر أئمتهم وهو الإمام محمد المهدي الذي يعتقدون أنه اختفى في سرداب في سُرَّ مَنْ رَأَى (سَامُرَّاءْ) وما زالوا ينتظرون خروجه، وبالتالي فهم لا ينسبون إلى الأئمة الاثني عشر التلقي عن الله لأن ذلك من خصائص الأنبياء وبالتالي ينتهي التشريع بانتهاء عصر النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبهذا قال الإمام محمد باقر الصدر.
ولا ينكر مسلم أن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد كلفه الله أن يبلغ أحكام الشريعة إلى الناس، قال الله تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[سورة النحل، الآية: ٤٤]. وقد بين ذلك عن طريق السنة القولية والعملية وكان هذا البيان لجميع الصحابة فلم يخصوا به الأربعة الذين هم أئمة الشيعة من آل البيت، كما لا يقول مسلم أنه خص هؤلاء بالأحكام الشرعية وأخفاها عن باقي الصحابة والله تعالى يقول:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}[سورة المائدة، الآية: ٦٧].
فالذين رَوَوْا السنة النبوية القولية والعملية هم الصحابة جميعًا بما فيهم آل البيت مثل عَلِيٍّ وفاطمة والحسن والحسين أو غيرهم ممن لا يعدهم الشيعة من آل البيت كابن عباس وحمزة وجعفر وعاتكة وأم هانئ وغيرهم.
ولهذا فإن اشتراط علماء الشيعة أو بعضهم حصر الأحاديث النبوية في الأئمة المعصومين عندهم واشتراطهم عدم قبول رواية الحديث إلا إذا كان الراوي من الإمامية أي من الشيعة الجعفرية، هذا من شأنه رد الغالبية العظمى من أحاديث النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهي التي رواها الصحابة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - ثم يضطر هؤلاء إلى الالتجاء إلى القياس والاجتهاد لتبليغ أتباعهم أحكام الدين.