للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦٩ - التَّمْحِيصُ الكَاذِبُ وَاسْتِبْعَادِ السُنَّةِ:

يحاول بعض الكُتَّابِ أن يتصف بالاجتهاد والتجديد دون أن يكلف نفسه عناء البحث والتمحيص لمعرفة ما يقبل الاجتهاد وما لا يقبله ومعرفة ما يدخل في اختصاص العقل وما يخرج عن هذا الاختصاص.

ولقد ظن هؤلاء النقاد وهو قلة قليلة أن بعض الأحاديث النبوية تتعارض مع القرآن الكريم فراحوا يؤلفون الكتب ويتظاهرون بالحرص على السُنَّةِ النَّبَوِيَّةِ ويتمثل هذا الحرص في استبعادهم الكثير من الأحاديث الصحيحة بدعوى تعارضها مع القرآن الكريم وتجاهلوا أن الأحاديث النبوية تخصص عموم القرآن. وتقيد مطلقه وبالتالي فما تضمنته من تفصيل لا يعد متعارضًا مع القرآن الكريم، قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤].

لقد تبنى هذه البدعة كتاب " موازين القرآن والسنة للأحاديث الصحيحة والضعيفة والموضوعة " (١) ... ومما ورد في هذا الكتاب: أن ابن كثير روى (٢) في الجزء الأول من " تفسيره " عن قول الله تعالى في بني إسرائيل: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} [البقرة: ٦١].

قال المؤلف: أورد ابن كثير في تفسير هذه الآية الحديث التالي: «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي الْيَوْمِ تَقْتُلُ ثَلاَثَمِائَةِ نَبِيٍّ، ثُمَّ يُقِيمُونَ سُوقَ بَقْلِهِمْ فِي آخِرِ النَّهَارِ». ثم يقول المؤلف: «ومن المعلوم أن القرآن الكريم ذكر بأن لكل أمة رسول، قال تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ} [يونس: ٤٧]. وقال: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً} (*) [النحل: ٣٦]».، ويعلق على هذه الآيات بقوله: «ليس من المعقول أن يرسل الله هذا الحشد الهائل من الأنبياء إلى قوم من الناس، ثم يقوم هؤلاء القوم بقتلهم كل يوم ثم يرسل الله لهم في اليوم التالي ثلاثمائة نبي آخر فلا يأتي آخر النهار إلا ويكون بنو إسرائيل قد نجحوا بإلقاء القبض عليهم ثم قتلهم ودفنهم». ويقول


(١) مؤلفه عز الدين بليق، انظر ص ٦٩ وما بعدها.
(٢) " مختصر تفسير ابن كثير ": ج ٣ ص ٢٥٧.

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) ورد خطأ في الطباعة (يونس / ٤٦٧ - النحل / ٣٦)، والصواب ما أثبته [سورة النحل، الآية: ٣٦].

<<  <   >  >>