وفي هذا يقول الدكتور الشيخ سليمان دنيا في كتابه " الشيعة وأهل السُنَّة " نقلاً عن الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء في كتابه " أصل الشيعة وأصولها " ص ١٣٤: «إنَّ الجماعات الإسلامية بين السُنَّة لا تختلف في الاعتقاد بالله ونبوَّة محمد وأنه خاتم الرسل وفرضية الصلاة والصوم والحج والتصديق بالمعاد، ما دام ذلك وما دامت القبلة واحدة والقرآن في مكانة القداسة من الجميع فإنه لا يعتدُّ بالخلافات الأخرى» كما ينقل عن كاشف الغطاء «أنه إذا اقتصر المعتقد على التوحيد والنبوَّة والمعاد والعمل بالفرائض ولم يعتقد بالأئمة وعصمتهم، تجري عليه جميع أحكام الإسلام».
وهذه الاتجاهات تمثِّلُ عناصر التقريب بين المسلمين وهو ما قال عنه الإمام آية الله الخميني:«إننا نريد أن نحكم بالإسلام كما نزل على محمد - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لا فرق عندنا بين سُنَّة وشيعة لأنَّ هذه المذاهب لم تكن في زمن الرسول»(١). غير أنَّ هذا لم يطبَّق وساد الاتجاه المذهبي.
١٧ - أَدَبُ الخِلاَفِ وَالعِصْمَةِ الجَدِيدَةِ:
لقد ظهر كتاب " السُنَّة المفترى عليها " لكشف الشُبُهات الحديثة التي صُوِّبَتْ نحو السُنَّةِ النَّبَوِيَّةِ، ووقف منها المختصون موقف المتفرِّج.
ولهذا لم يتعقَّب الكتاب مواطن الخلاف بين الأفراد والجماعات ولم يفصل الرد على المخالفين، باعتبار أنَّ الأمور الخلافية هي أمور اجتهادية، ولا يوجد بين المجتهدين من خَوَّلَهُ الله تعالى خاصية الفصل فيها ولقد غاب هذا عن بعض الإخوة، وهم يؤمنون بانتفاء العصمة لأحد بعد النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فغفلوا عن معركة الإسلام الرئيسية، وشرعوا في افتعال المعارك بين المسلمين، بأسلوب يتنافى مع آداب الإٍٍسلام وقيمه، ومنا ألاَّ يكون المسلم سَبَّاباً ولا لعَّاناً، والاَّ يعطي نفسه صفة الأحبار الذين يزعمون أنَّ قولهم هو الحق، وماذا بعده إلاَّ الضلال المبين.
ولقد كان لهذا الكتاب وصاحبه نصيب من القذائ التي تؤدِّي إلى النزاع
(١) " مجلة الإيمان " اللبنانية: السنة الأولى. العدد ٥، و " المعرفة " التونسية: السنة الخامسة. العدد ٤ في ١/ ٤ / ١٩٧٩، و" القبس " الكويتية في ٢٣/ ٧ / ١٩٨٠.