هذا التقريب وصفه نفر من أهل السُنَّة بأنه يخدم الصهيونية والاستعمار، بينما كان رَدُّ أحد الشيعة هو «أنَّ المشاكل التي نعانيها لا تتصل في واقعاه بقضية التشيع والتسنُّن من قريب أو بعيد، بل إنَّ الحديث عن هذه القضية والاهتمام بها يزيد المشاكل تعقيداً، ويجعلها مستحيلة أو عسيرة الحل وهذا ما يريده لنا المستعمرون والصهاينة أعداء الدين والوطن أنهم يريدون أنْ نتلهَّى بالمشاحنات والنعرات الطائفية». ثم وصف الكتب والنشرات التي تصف الشيعة بالكفر بقوله:«لقد دأب هذا الجهاز في تأليفه ونشراته على مهاجمة الشيعة وتصويرهم كطائفة ملحدة مجرمة تكيد للإسلام والمسلمين، والغرض الأول هو تنفيذ الخطوط العريضة التي رسمها الاستعمار لإيقاظ الفتنة وإشاعة الفرقة بين المسلمين»(١).
هذه النشرات تستند إلى روايات في كتب الحديث النبوي عند الشيعة تفيد أنَّ لهم مصحفاً آخر يُسَمَّى " مصحف فاطمة "، وتفيد عصمة أئمتهم بمعنى أخذ ما يصدر عنهم من قول أو فعل أو تقرير على أنه رواية عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ولما كانت هذه الروايات غير صحيحة أو محل نظر حسبما دلت عليه مراجع للشيعة، فوجب وقف المعركة لأنَّ الحد الأدنى من الإيمان بين أهل القبلة هو ما جاء في قول الله تعالى:{وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا}[الحشر: ١٠]. فإذا لم ينشرح صدر غُلاة السُنَّة والشيعة لما تضمَّنه هذا الكتاب من تصحيح الروايات والمفاهيم أسوة بمنهج شيخ الإسلام ابن تيمية فلا أَقَلَّ من أنْ يتمسَّكُوا عن إثارة الفتنة لأنهم جميعاً طوعاً أو كرهاً أمام عَدُوٍّ مشترك، وفي هذا قال الإمام حسن البنا في " رسالة المؤتمر الخامس ": «من فروع النظرة الشمولية للإسلام اعتبار المسلمين كلهم على ما بينهم من اختلاف كياناً واحداً فرقته أحداث الزمان، وفرض على المسلمين بعث الكيان الدولي للإسلام».
(١) " الشيعة في الميزان " - محمد جواد مغنية: ص ١٠.