بين من رد حديثًا متواترًا، فهذا يكون كافرًا، وبين من رد حديثًا غير متواتر لشكه في الرواية فهذا لا يكون كافرًا.
وكفر من رد الحديث النبوي المتواتر لا يكون إلا في حق من يعلم أن الحديث ثابت عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم أصر على أنه غير ملتزم بالسنة النبوية الواردة في هذا الحديث وجحد حكمها وأنكره سواء تعلق الحكم بفرائض كعدد الصلوات أو نوافل كهيئة الصلاة وما ورد فيها من تسبيح لأن الرد والإنكار في هذه الأحوال ليس هو ترك العمل، فهذه معصية بل ينصب حول رد الوحي والرسالة في شطر منها، وهذا كفر بالله ورسوله (١).
٢٦ - أَخْطَاءٌ وَجِنَايَةٌ ضِدَّ السُنَّةِ:
إن قول عمر بن الخطاب:«لاَ نَدَعُ كِتَابَ رَبِّنَا وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ امْرَأَةٍ لاَ نَدْرْي أَحَفِظَتْ أَمْ نَسِيَتْ».
وكذلك تَحَفَّظَ بعض الصحابة كأبي بكر وعلي وعائشة وتحريهم نسبة الحديث إلى النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أصبح لدى بعض علماء عصرنا وخصوصًا بعض أساتذة علوم الشريعة منهجًا خاصًا في شأن رد خبر الآحاد لأنه ظني الثبوت مع أن هؤلاء الصحابة لم يصرحوا أو يلمحوا بذلك، بل لم يعرفوا اصطلاح المتواتر والآحاد لأنه ظهر بعد عصرهم. كما أن اصطلاح فقهاء المذاهب الجماعية في تقسيم الحديث النبوي إلى متواتر ومشهور، والآحاد تحول أثره من التفرقة بين من يحكم بردته وكفره وهو الذي يرد الحديث المتواتر، ومن لا يحكم عليه بالكفر وهو رد حديث الآحاد، تحول من هذا الأثر إلى القول إن أحاديث الآحاد ليست حُجَّةً في أمور مختلفة إذ يقول الشيخ محمد
(١) مثال ذلك كتاب " أصول الفقه الإسلامي " للشيخ زكي شعبان: ص ٦٧ حيث قال: «وَلَكِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَدَّ الحَدِيثَ». والمنقول أنه شك في حفظ الراوي ولم يرد حديثًا ثبت عنده.