للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طَبِيعَةُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الآحَادِ وَالمُتَوَاتِرِ:

إن هذا التثبت ليس رَدًّا لحديث قد ثبت عن النبي بل هو مراجعة على الراوي، وهذا يشمل كل ما يروى عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلم ينص أحد على التفرقة بين الحديث المتواتر وحديث الآحاد، لأن الاصطلاح لم يظهر في عصر الصحابة حتى يقال إنهم كانوا يتقبلون الأحاديث المتواترة ويردون أحاديث الآحاد أو يضيقون نطاقها، بل كانوا جميعًا يقبلون الحديث النبوي متى اطمأنوا إلى الرواية على النحو الذي سبق ذكره، وظل هذا خلال عصر التابعين بل والعصر الذي يليه (١).

وفي هذا قال ابن حزم: «إن جميع أهل الإسلام كانوا على قبول خبر الواحد الثقة عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى حدث متكلمو المعتزلة بعد المائة من التاريخ فخالفوا» (٢) وقال أيضًا: «القرآن والخبر الصحيح بعضها مضاف إلى بعض وهما شيء واحد في أنهما من عند الله - ومن جاء بعده خبر عن رسول الله يقر أنه صحيح وأن الحجة تقوم بمثله، أو قد صح مثل ذلك الخبر في مكان آخر، ثم ترك مثله في هذا المكان لقياس أو لقول فلان أو فلان، فقد خالف أمر الله ورسوله» (٣).

لقد جاءت عصور فيها وضع العلماء مصطلحات ظنها المتأخرون قواعد شرعية، وهي ليست من القرآن ولا من السنة ولا من آثار الصحابة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ -، ولكن كان الغرض من هذا المصطلح هو التفرقة في الحكم بالكفر


(١) " وجوب الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة " للشيخ محمد ناصر الدين الألباني.
(٢) و (٣) " الإحكام في أصول الأحكام ": جـ ١ ص ٨٨، ٩٧، ١٢٤.

<<  <   >  >>