للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ» (١).

وحسب أبي هريرة أن دعا له رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: «اللهُمَّ حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هَذَا [- يَعْنِي أَبَا هُرَيْرَةَ -] وَأُمَّهُ إِلَى عِبَادِكَ المُؤْمِنِينَ، وَحَبِّبْ إِلَيْهِمِ المُؤْمِنِينَ». رواه مسلم.

أما فقهاء الكوفة الذين قدموا القياس على خبر الواحد فقد كان في تلك الفترة يقدمون فيها الحكم المبني على القياس لأنه يستند إلى نص عام في القرآن أو السنة المتواترة، ويقدمونه على أخبار الآحاد التي لم تصح عندهم، والسبب هو الاطمئنان إلى صحة الحديث من عدمه، وبالتالي فإذا كان الراوي معروفًا لديهم قدموا روايته على القياس، والسبب كما ينقل عن عيسى بن أبان أنه لا يستطيع الوقوف على معاني كلام رسول الله الذي أوتي جوامع الكلم إلا من كان له دراية بالفقه وخاصة أن رواية الحديث بالمعنى كانت مستفيضة (٢).

٣٢ - الأَحْنَافُ وَاشْتِرَاطُ فِقْهِ الرَّاوِي:

أما ما نسب إلى الأحناف من تقديم القياس على سُنَّةِ الآحاد إن كان راوي الحديث لم يشتهر بالفقه، كما في روايات أنس بن مالك وأبي هريرة لأنهما وإن عرفا بالضبط والعدالة، ولكن لم يعرفا بالفقه، فمردود عليه بما قاله الفقيه الحنفي أبو اليسر، فقد جاء في " كشف الأسرار " (٣) أنه قال: «[وَلَمْ يُنْقَلْ هَذَا القَوْلُ عَنْ أَصْحَابِنَا أَيْضًا] بَلْ المَنْقُولُ


(١) رواه مسلم.
(٢) " كشف الأسرار " وكتب أصول الحنفية، نقلاً عن " مناهج الاجتهاد " للدكتور محمد سلام مدكور: ص ١٢٦.
(٣) " كشف الأسرار ": جـ ٢ ص ٣٨٥ نقلاً عن " مناهج الاجتهاد ": ص ٦٠٣.

<<  <   >  >>