عَنْهُمْ أَنَّ خَبَرَ الوَاحِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى القِيَاسِ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ اشْتِرَاطُ الْفِقْهِ فِي الرَّاوِي فَثَبَتَ أَنَّ هَذَا القَوْلَ مُسْتَحْدَثٌ». وأيضًا ما نقله ابن أمير الحاج من أن الإمام أبا حنيفة كان يقدم سُنَّةََ الآحَادِ على القياس سواء كان الراوي فقيهًا أو غير فقيه، وذلك من رواية أبي الحسن الكرخي عن الإمام - رَحِمَهُ اللهُ -.
ونقل الدهلوي (١) عن الكرخي أن أبا حنيفة أخذ بحديث أبي هريرة فيمن أكل وشرب ناسيًا وهو أن يتم صومه، وقدمه على القياس، فبطل بذلك ما اشتهر من اشتراط فقه الراوي، وما أشيع عن عدم فقه أبي هريرة.
كما أخذ الإمام بحديث أنس بن مالك في أكثر مدة الحيض، وعدل عن القياس ما يقول البزدوي.
وبهذا يبطل ما قيل من أن أنسًا لم تقبل روايته لعدم الفقه، وما قيل من اشتراط الفقه في الراوي.
فمخالفة بعض الفقهاء لسنة الآحاد، ليس لضعف هذه السنة ولا لعدم فقه رواتها، بل لعدم معرفة هذا الحديث، أو كان قد وصله ثم بَدَا له رأي في فهمه.
فعدم الثقة في صحة الخبر هو السبب الرئيسي في هذا الأمر.
(١) " الإنصاف في بيان أسباب الاختلاف " للإمام ولي الله الدهلوي: ص ٩١.