روايات الصحابة دون تفرقة بين أحد منهم بسبب القرابة أو اجتهادهم ومواقفه من الخلافات.
بَيْنَ السُنَّةِ وَالشِّيعَةِ:
إنَّ أعظم فتنة أصابت المسلمين هي انقسامهم إلى سُنَّةٍ وَشِيعَةٍ، ولكن هذا الانقسام لا يترتَّبُ عليه قطع أواصر الأخُوَّة والمودة بين الطائفتين، ولا يترتب عليه اختلافهم في مصدر التشريع وهو القرآن الكريم والسُنَّة النبوية، قال شيخ الإسلام ابن تيمية:«ولم تكن الشيعة التي كانت مع عليٍّ، يظهر منها تنَقُّصٌ لأبي بكر وعمر، ولا فيها من يُقَدِّمُ عَلِيًّا على أبي بكر وعمر ولا كان سَبُّ عثمانَ شائعاً فيها، وإنما كان يتكلم به بعضهم فيرُدُّ عليه آخر». وقال كذلك:«الشيعة المتقدِّمُون كانوا يُرَجِّحُون على المعتزلة بما خالفوهم فيه من إثبات الصفات والقدرة والشفاعة ونحو ذلك» (" مجموع الفتاوى ": المجلد ٤ ص ١١٢ و ٤٣٦).
ولكن في العصور المتأخِّرة اتسعت رقعة الخلاف بين الطائفتين متى وجدنا من أهل السُُنَّة من يرمي الشيعة بالكفر لاعتقادهم بعصمة الأئمة ولوجود رواية في كتاب " الكافي في الأصول " للكُلَيْنِي عن مصحف فاطمة، ووجدنا من الشيعة من يرمي أهل السُنَّة بالكفر لإنكارهم عصمة الأئمة عند الشيعة وهي من المعلوم من الدين بالضرورة عندهم.
ولقد ظل هذا الجدار من عدم الثقة قائماً حتى توالت النكبات على بلاد المسلمين في فلسطين وغيرها، وتحالف الغرب والشرق ضِدَّهُمْ وخضعت لذلك حكومات واصلت الحرب على دُعاة الإسلام من الطائفتين، مِمَّا أدَّى إلى وجود تيار يدعو إلى التقريب بين الطائفتين ليتعاونوا فيما اتَّفقُوا عليه لا للتنازل كل طائفة عن بعض معتقداتها، بل ليتنازل كل منهما عن الخطأ والفتنة، وذلك بالاحتكام إلى القرآن وعمل الصحابة قبل الحروب.