للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله له: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: ٦٧]، معناه يمنعك أنْ ينالوك بسوء فعل أو شر أو قهر.

كما أنَّ الآيات السابقة واللاحقة خاصة بأهل الكتاب من اليهود والنصارى ولهذا قال الشهيد سَيِّدْ قُطْبْ: «يبدو من السياق قبل هذا النداء وبعده أنَّ المقصود به مباشرة هو مواجهة أهل الكتاب بحقيقة ما هُمْ عليه وبحقيقة صفتهم التي يستحقُّونهاعما هم عليه ومواجهتهم بأنهم ليسوا على شيء» (١).

إنَّ وصيَّة الرسول بخلافة عليٍّ، كما يرى الشيعة، يجب أنْ تزول آثاره، فإنها تنحصر في أمر لا يؤثِّرُ على السُنَّة النبوية، وقد زال سبب الخلاف حول أحقية الإمام عليٍّ بالخلافة بعد النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وأولى بكل مسلم أن يأخذ كل ما ورد عن النبي، لأنَّ الذين رَوَوْا السُنَّة إنما نقلوها قبل وفاته - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلا مجال للزيادة أو النقص فيها، ولا يجوز رَدَّ رواية بعض الصحابة لمُجرَّدِ أنهم ليسوا من أهل البيت أو لم يكونوا من أئمة الخوارج، لسبب جوهري هو أنه قد جاءت صفاتهم في القرآن الكريم الذي يؤمن به أهل السُنَّة والشيعة والخوارج، وهو مصحف عثمان الموجود بين أيدينا جميعاً، لقد قال الله عن صحابة رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: ١٨]، والآية لم تُفرِّق بين الصحابة الذين حضروا بيعة الرضوان قبل فتح مكة، وهؤلاء جُلُّ الذين رويت عنهم الأحاديث النبوية. فالذين رضي الله عنهم لا ينبغي لمسلم أنْ يطعن فيهم، أو يَرُدَّ روايتهم عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو رواية بعضهم، لأنهم ليسوا من أهل البيت أو من أئمة الخوارج أو لأنهم مُتَشَيِّعُونَ لأهل البيت أو كانوا مع الخوارج. فالواجب على المسلمين أنْ يَقْبَلُوا


(١) " في ضلال القرآن ": جـ ٢ ص ٨٠٦.

<<  <   >  >>