للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣١ - دَعْوَى تَقْدِيمِ القِيَاسِ عَلَى سُنَّةِ الآحَادِ:

لقد نسب إلى الإمام أبي حنيفة أنه يقدم القياس على أحاديث الآحاد، ولكن كثيرًا ما أخذ أبو حنيفة بأخبار الآحاد ثم قاس عليها، من ذلك القول بنقض الوضوء بالنوم [مضطجعًا]، وإتمام الصوم لمن أكل وشرب ناسيًا.

وإذا علم الإمام في المسألة حديثًا نبويًا ولو كان من أخبار الآحاد، أخذ به وعدل عن القياس، ومن ذلك أنه كان يفتي بأن دية الإبهام أكبر من دية الخنصر لأن منفعة كل منهما ليست متساوية ثم ترك هذا القياس عندما علم أن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال عن أصابع اليد: «هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ» (١).

فالصحيح عند أبي حنيفة أنه لا يقدم القياس على ما صح عنده من الأحاديث ولو كانت آحَادًا ولكننا نجد في بعض الكتب الفقهية أن الإمام أبا حنيفة اشتهر بتقديم القياس على خبر الآحاد.

فما صحة ذلك؟ يجيب على ذلك ابن أمير الحاج فيقول: «إذَا تَعَارَضَ خَبَرُ الوَاحِدِ وَالقِيَاسُ بِحَيْثُ لاَ [جَمْعَ] بَيْنَهُمَا، قُدِّمَ الخَبَرُ مُطْلَقًا عِنْدَ [الأَكْثَرِ] مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ»، وإنما نسب القول بذلك في الجملة إلى أحد فقهاء الحنفية وهو عيسى بن أبان المتوفى سنة ٢٢١ هـ (٢).


(١) " نيل الأوطار " للشوكاني: جـ ٧.
(٢) " التقرير والتحبير " لابن أمير الحاج: جـ ٢.

<<  <   >  >>