للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد قال الحافظ ابن حجر في كتاب " فتح الباري " (١): «وَقَدْ بَيَّنَ اِبْن عُمَرَ فِي هَذَا الحَدِيث مُرَاد النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[وَأَنَّ مُرَادَهُ] أَنَّ عِنْدَ اِنْقِضَاءِ مِائَة سَنَةٍ مِنْ [مَقَالَتهِ تِلْكَ يَنْخَرِمُ ذَلِكَ الْقَرْنُ] فَلاَ يَبْقَى أَحَدٌ» منهم على ظهر الأرض.

كما ذكر الإمام مسلم هذا الحديث في رواية عن جابر بلفظ: «مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ اليَوْمَ، تَأْتِي عَلَيْهَا مِائَةُ سَنَةٍ، وَهِيَ حَيَّةٌ يَوْمَئِذٍ». وقال الإمام النووي: «هَذِهِ الأَحَادِيثُ قَدْ فَسَّرَ بَعْضُهَا بَعْضًا وَفِيهَا عَلَمٌ مِنْ أَعْلاَمِ النُّبُوَّةِ وَالمُرَادُ أَنَّ كُلَّ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ كَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَلَى الأَرْضِ لاَ تَعِيشُ بَعْدَهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ، [سَوَاءٌ قَلَّ أَمْرُهَا قَبْلَ ذَلِكَ أَمْ لاَ] وَلَيْسَ فِيهِ نَفْيُ عَيْشِ أَحَدٍ يُوجَدُ بَعْدَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ» (٢).

٥٥ - حَقِيقَةُ النَّقْدِ العِلْمِيِّ:

فهل من الإسلام وشمسه وضحاه أن يغفل الناقد المسلم عن هذا وينسى هذه الحقائق ثم يظهر أقوال المستشرقين التي تزعم أن البخاري على دقة بحثه قد تطرق إلى بعض أحاديثه الضعف وعدم الصحة؟.

لا شك أن الكاتب والمؤلف الناقد لم يطلع على هذه المراجع واكتفى بأقوال المستشرقين وصدقهم فالتمس بذلك سبيلاً سهلاً ليكون ناقدًا لعلوم الحديث ورجاله وليكون مؤلفًا وكاتبًا في هذه المادة دون أقل تحقيق أو بحث علمي.

أما الحديث الثاني المتضمن وقاية العجوة للسم والسحر فقد جاء في رواية الإمام مسلم أن هذا خاص بتمر المدينة، ففي الرواية: «مَنْ أَكَلَ سَبْعَ تَمَرَاتٍ مِمَّا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا» وفي رواية: «إِنَّ فِي عَجْوَةِ العَالِيَةِ شِفَاءً» (٣)


(١) " فتح الباري ": جـ ٢ ص ٣٢.
(٢) " المنهاج شرح صحيح مسلم " للنووي: جـ ٩ ص ٥٢٦.
(٣) " مختصر صحيح مسلم " للمنذري: جـ ٢ ص ٤٧ الحديث ١٤٧٥.

<<  <   >  >>