للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المؤلف: «لو افترضنا أن الله كان يرسل لكل قرية نبي فهل من المعقول أن ينجح بنو إسرائيل في اليوم الواحد بإلقاء القبض على ثلاثمائة نبي من ثلاثمائة قرية ثم قتلهم ودفنهم؟».

ولقد غاب عن هذا الكاتب أن ابن كثير لم يذكر حرفًا واحدًا يشير إلى أن هذا حديث عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقد أسند القول إلى عبد الله بن مسعود نقلاً عن أبي داود (*) فكيف يجرؤ الكاتب أن ينسب هذا القول للنبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو ليس حديثًا نبويًا، بل حكاية عن أحد الصحابة وهي ليست وحيًا من الله تعالى، كما أنها خبر لم يذكر فيه سلسلة الرواة حتى يتم البحث في مدى عدالة الرواة الذين أسندوا ذلك إلى الصحابة، ولو رجع الكاتب إلى فقه الحديث النبوي لاستراح وأراح. ومن ناحية أخرى فإن تقرير القرآن {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ} [يونس: ٤٧]، ليس معناه نفي وجود أنبياء كثيرين بجانب الرسول في كل أمة من الأمم.

قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [البقرة: ٢٤٦]. فهذا يفيد أنه من حلال رسالة رسول الله موسى أرسل الله أنبياء تابعين لهذا الرسول وهذه الرسالة كما أنه لا يوجد ما يمنع من وجود ثلاثمائة نبي أو يزيد لأمة واحدة إذا كانوا مجموعات متفرقة لكل منهم نبي كبني إسرائيل، فقد أرسل الله لهم رسولاً واحدًا ثم أرسل لهم أنبياء كثيرين ولا يوجد ما يمنع من قيام بني إسرائيل بقتل هؤلاء الأنبياء حتى لو كانوا ثلاثمائة لأن كل مجموعة أو بلدة تقتل نبيها مع التأكيد على أن الرواية التي نقلها ليست عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والناقد يعلم أنها منسوبة إلى ابن مسعود - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -. كما أنه لم يثبت أن هذه الأقاويل صحيحة في نسبتها إلى الصحابي.

والمثل الأخير الذي ساقه المؤلف الناقد هو أن الإمام مسلم قد روى حديثًا فيه: «خَلَقَ اللهُ [عَزَّ وَجَلَّ] التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ، وَخَلَقَ [فِيهَا الْجِبَالَ] يَوْمَ الأَحَدِ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ، وَخَلَقَ المَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلاَثَاءِ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الخَمِيسِ، وَخَلَقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَعْدَ [العَصْرِ مِنْ] يَوْمِ الجُمُعَةِ ... »


[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) أبو داود الطيالسي، والحديث غير موجود في " المسند ". انظر " تفسير ابن كثير " تحقيق سامي بن محمد سلامة: ١/ ٢٨٣، الطبعة الثانية: ١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م، نشر دار طيبة للنشر والتوزيع.

<<  <   >  >>