للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهم يرون أنه لو كان بين الرواة شخص غير إمامي، فلا تقبل هذه الرواية حتى لو كان جميع الرواة من الثقات فقد ذكر الشيخ الطوسي في كتابه " عدة الأصول ": «أَنَّ خَبَرَ الوَاحِدِ إِنَّمَا يَكُونُ حُجَّةً فِي العَمَلِ إِذَا كَانَ رَاوِيهِ مِنَ الطَّائِفَةِ المُحِقَّةِ أَيْ الاثْنَا عَشَرِيَّةِ» ص ٣١.

ثم يضع الطوسي شرطًا أخر يؤكد ضرورة اتصال السند من الإمامية الثقات فيقول عند التحقيق تبين أنه لا يعمل بالخبر الذي يرويه الإمامية مطلقًا، بل بهذه الأخبار التي رويت عن الأئمة - عَلَيْهِمْ السَّلاَمُ - ودونهما الأصحاب، فليس كل خبر يرويه الإمامي يكون صحيحًا يجب العمل به، بل الخبر الصحيح الذي يجب العمل به هو ما يرويه الإمام عن الأئمة.

ومن الشيعة من قال بقبول رواية غيرهم إذا كان مُوَثَّقًا أو ممدوحًا منهم ففي رسالة " جواز الاكتفاء بتصحيح الغير " لأبي المعالي ص ٩: «لو كان بعض رجال السند غير إمامي مصرحا بالتوثيق أو مصرحا بالمدح لا بد من كون الباقي إماميا موثقا» (١). ولهذا فالإمام جعفر الصادق بَرِئَ مما ينسب إليه من عدم قبوله رواية غير الإمامية.

فقد كان يَرْوِي عنه حال حياته، مالك وأبو حنيفة وسفيان وَشُعْبَةُ، وهو لا يقبل بروايتهم عنه إذا كانوا غير عدول أو كانت روايتهم غير مقبولة، فكيف يرضى بروايتهم إذا كانوا غير أمناء في النقل عنه (٢).

ولقد روى جابر الجُعَفِي وهو من الإمامية أن الإمام محمد الباقر قال وهو يُوَدِّعُهُ عائدًا من العراق: «أبلغ أهل الكوفة أني بريء ممن تبرأ من أبي بكر وعمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ -» (٣). ولقد سئل الإمام الباقر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - عن قول الله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة: ٥٥]، فقال: «أصحاب محمد - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -». فقال السائل يقولون هو (عَلِيٌّ)، قال الإمام محمد الباقر: «عَلِيٌٌّ مِنْهُمْ» (٤).

أما عن عصمة هؤلاء الأئمة بمعنى أن الله تعالى أودع عندهم أسرار الدين وعصمهم في النقل عنه أو عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بغير طريق الرواية المتصلة السند، فنجد


(١) المرجع السابق: ص ٣٨٠
(٢) و (٣) " حلية الأولياء ": ج ٣ ص ٣٩ و ١٣٧.
(٤) الأخبار الأربعة في " حلية الأولياء ": ج ٣ ص ١٨٥ نقلاً عن الشيخ محمد أبو زهرة: ص ٢٠٨.

<<  <   >  >>