لما كان ذلك فإن من يدعي تواتر حديث الغدير ويتهم صحابة رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بكتمانه وخيانة الأمانة بذلك إنما يُكَذِّبُ القرآنَ الكريم الذي وَثَّقَ هؤلاء وزكاهم، كما أنه يتهم آل البيت بخيانة هذه الأمانة لعدم إظهارهم هذا الحديث (جَدَلاً)، وذلك لانتفاء عذر إخفائه حيث أن عصمتهم توجب أن يبلغوه ولا يخشون أحدًا، ما أن تجمع القوة بيدهم خلال خلافة الإمام عَلِيٍّ ثم مبايعة المسلمين للحسن والحسين يسقط كل أسباب كتمان مثل هذا الحديث إن وجد، فلو كانت وصية النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الواردة في هذا الحديث قد نزل بها جبريل وفيها قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}[المائدة: ٦٧]. لو كان ذلك صحيحًا ما تخلف أئمة آل البيت - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ -، عن الجهر بها، بل ما تخلف أحد من الصحابة عن التسمك بها، فدل ذلك على عدم ثبوتها وأن هذه الآية قد نزلت في شأن اليهود والنصارى ويؤكذ ذلك ما قبلها وما بعدها من الآيات القرآنية.