٢ - أيضًا ما رواه أبو داود عن معقل بن يسار (*) من أن النبي قضى في المرأة التي مات عنها زوجها قبل الدخول وقبل أن يسمي المهر بأن لها صداق مثلها لا وكس ولا شطط.
ولكن الإمام علي - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - لم يطمئن إلى هذا الراوي لوجود ما يعارض روايته وهو قول الله تعالى:{لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً}[البقرة: ٢٣٦]، ففهم الإمام من الآية أن من طلقها زوجها قبل التدخول وقبل أن يجعل لها مهرًا لا تستحق صداقًا لرفع الله الجناح عن الزوج ومثلها من مات عنها زوجها قبل الدخول وتحديد المهر ولقد فهم الصحابي عبد الله بن مسعود غير ذلك وعنه أخذ بعض الفقهاء ولكن الخلاف لم يكن حول قبول الحديث بل حول ثبوته.
الأمر الثاني - الروايات المنقولة عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتعارض نَصًّا في القرآن أو حُكْمًا ثابتًا للنبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فالدقة والأمانة جعلت بعض الصحابة يستوثق من صدق الراوي أو من حفظه خصوصًا إذا كان الحكم جديدًا على الصحابي الذي سمع الحديث.
ومن الأمثلة على ذلك:
١ - أن خليفة رسول الله أبا بكر الصديق رفض أن يعطي الجدة ميراثًا من تركة حفيدها لأنه قال كما جاء في " سنن أبي داود " و " الترمذي ": «مَا أَجِدُ لَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى [شَيْءٌ]، وَمَا عَلِمْتُ لَكِ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا»، ولكن لما عارضه المغيرة بن شعبة وقال:«سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِيهَا السُّدُسَ»، احتاط أبو بكر فسأله:«هَلْ مَعَكَ أَحَدُ الشُّهُودِ بِذَلِكَ؟»، قَالَ:«مَعِي مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ»، فلما اطمأن أبو بكر أخذ بهذه السُنَّةِ النَّبَوِيَّةِ وقضى بها للجدة.