للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جَوْهَرُ الخَطَأِ العِلْمِيِّ:

إن جوهر الخطأ في هذه الأقوال هو القطع بأن أحاديث الآحاد لا تفيد إلا الظن، والزعم بأن أحدًا لم يقل أو يدعي أنها تفيد اليقين.

والقطع بأنها لا تصلح في أمور العقيدة بل من المحزن القول بأن من بنى عقيدة على حديث آحاد قد ارتكب إثمًا.

ومن دواعي الحزن والأسى أن أكثر مدرسي الفقه الإسلامي بالجامعات يتوسعون في إثبات ظنية أحاديث الآحاد، ويلقنون هذه الظنية دون بيان سبب هذا المصطلح المستحدث وآثاره، مما يسر اقتناع الطلاب بالتيارات التي تدعي رد هذه السُنَّةِ في بعض الأمور. وقد حدد الشيخ النجدي هذا الخطر بقوله: «رأوا تقسيم الأحاديث إلى متواترة وآحادية، فادعوا أنه لا يقبل في العقائد إلا المتواتر، وقد ادعى من جازف منهم وقل علمه بالإجماع على ذلك وهذا قول ينادي على فساد نفسه» (١).

وبعض الخطأ يكمن في نقل مصطلح وجد أثناء تصفية السنة، وقد زال بعد ثبوتها وتدوينها وأصبح معلومًا أن الشك أو الظن في الأحاديث لا محل له بعد القرن الثالث الهجري.

وإن العلة في التفرقة بين المتواتر والآحاد هي عصمة دم من رَدَّ حديثًا غير متواتر للشك في رواته؟ ومع هذا فالتواتر اللفظي أنكر ابن الصلاح وآخرين وجوده وأقر غيره وجوده في عدة أحاديث ولكن الإجماع منعقد على أن العمل بأحاديث الآحاد واجب ولا تحل مخالفته (٢).


(١) كتاب " تيسر الوحيين " للشيخ عبد العزيز بن راشد النجدي: ص ١٥، ١٦. الطبعة الرابعة.
(٢) " أصول الفقه الإسلامي " للأستاذ محمد مصطفى شلبي: ص ١٢٩.

<<  <   >  >>