للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمور العقيدة لا تؤخذ إلا من النصوص المتواترة (١)، ويرى غيرهم أنه طالما أن العمل بالسنة كلها مجمع عليه فيستحيل أن يعمل المسلم بشيء ولا يعتقد به.

وقد استدل هؤلاء الفقهاء على ذلك بالآتي:

أولاً: إن التفرقة بين الأحاديث النبوية والقول إن هذا متواتر فنأخذ به في جميع الأمور لأنه قد رواه خمسة فأكثر أو سبعة فأكثر. وذلك آحاد لا يؤخذ به في أمور لأن رواته في عصر النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يبلغوا حد التواتر سالف الذكر.

هذه التفرقة لا دليل عليها من القرآن أو السنة، أو إجماع الصحابة أو أقوال جمهورهم أو بعضهم وبالتالي فإنه لا يوجد سند شرعي لهذا التقسيم خصوصًا وأن القرآن الكريم قد اعتد بخبر الاثنين والأربعة وأخذ به في الحدود بما فيها من إرهاق النفس في القصاص أو غيره.

قال تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: ٢٨٢]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ... } [النور: ٤].

وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: ١٠٦].

ثانيًا: إن ما عليه السلف الصالح في أمر العقائد قد تجسد في آراء أحمد بن حنبل في رسائله وإجاباته، وهي تدل على أنه كان يقبل أحاديث الآحاد في الاعتقاد، ويسير على مقتضاها ولا يقتصر في الأخذ بها على العمل، فالإيمان


(١) " تيسير الوحيين " للشيخ النجدي: ص ١٥ و" مناهج الاجتهاد ": ص ٥٠٨.

<<  <   >  >>