للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبجانب هذا القرآن المعجز في كلماته وآياته ومعانيه، فقد كان للنبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - معجزات أخرى أظهرها الإسراء والمعراج الوارد في القرآن والسنة، كما توجد خوارق للعادات والنواميس منها ما أخرجه " البخاري " و" مسلم " عن أنس بن مالك قال: حديث أَنسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَانَتْ صَلاَة العَصْرِ، فَالْتَمَسَ النَّاسُ الوَضُوءَ (أي الماء الذي يتوضأون به)، فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَضُوءٍ (أي إناء للوضوء)، فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي ذلِكَ الإِنَاءِ يَدَهُ، وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَتَوَضَّؤُوا مِنْهُ قَالَ: فَرَأَيْتُ المَاءَ يَنْبَعُ مِنْ تَحْتِ أَصَابِعِهِ، حَتَّى تَوَضَّؤُوا مِنْ عِنْدَ آخِرِهِمْ» (١). ومن هذه الخوارق ما أخرجه " البخاري " و" مسلم " عن ابن عباس وابن مسعود وأنس بن مالك «أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ القَمَرِ»، وفي رواية أخرى: [انْشَقَّ القَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِقَّتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اشْهَدُوا»] (٢).

إن المعجزات النبوية ترتبط بالإيمان فمن آمن برسالة خاتم النبيين يصدق ما أخبر به من أمور خارقة للعادة، ومنها الإسراء والمعراج، ومن كفر بهذه الرسالة رد هذه المعجزات، ولهذا كان حكم الله في المنافقين هو قوله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ المُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ المُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} (٣).

ولكن هذا المنطق القرآني غفل عنه بعض المسلمين فاتبع أوهام بعض المبشرين والمستشرقين الذين زعموا أن رحلة الإسراء والمعراج لا يصدقها العقل البشري إلا إذا كان الإسراء بالروح.


(١) كتاب " اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان ": كتاب الفضائل - باب معجزات النبي: ص ٥٩٨، طبعة وزارة الأوقاف بالكويت.
(٢) المرجع السابق: باب انشقاق القمر: ص ٧٨٨.
(٣) [سورة المنافقون، الآية: ١].

<<  <   >  >>