للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكفار والملحدون أي أن هؤلاء العلماء يؤمنون بالأمور الغيبية التي يدعي بها غير الأنبياء بينما يردون المعجزات النبوية، وهذا موقف غريب وشاذ إن صدر من المسلم، لأنه بنص القرآن الكريم ملزم بالأخذ عن الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في كل ما يبلغنا به سواء كان هذا التبليغ قرآنًا أم سنة قولية أو عملية، فالله تعالى يقول: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧]. وعليه فإذا ما أخبر النبي أن الله قد أرسل له جبريل فأخذه على البراق حتى وصل إلى بيت المقدس ثم صعد به إلى السماوات العُلَى حيث فرض الله عليه الصلوات الخمس، ثم عاد من حيث أتى، لا يقبل مسلم أن يزعم أن هذا كان بالروح فقط.

٣ - إن قول الله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى} [الإسراء: ١]، إنما تفسره قواعد اللغة العربية والمصطلحات القرآنية، فالأصل أن اللفظ العام يظل على عمومه ولا يخصص إلا بمخصص وعبارة «أَسْرَى بِعَبْدِهِ» تطلق على انتقال الإنسان وحركته ولا يمكن أن يراد بها انتقال روح الإنسان وحدها.

والقرآن الكريم عندما يعبر عما تشاهده الروح أثناء النوم لا يعبر إلا بلفظ الرؤية، ومن هذا قول الله تعالى عن رؤيا نبي الله يوسف {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف: ٤]، وعند ذكر الله تعالى جواب يعقوب عن هذه الرؤيا كان اللفظ وهو: {قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ} [يوسف: ٥]. بينما التعبير في الإسراء لم يكن بألفاظ الرؤيا، بل كان بأسلوب التحديث والإعجاز {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [الإسراء: ١].

٤ - أيضًا لو جاز رد هذه الألفاظ الصريحة وادعاء أن قول الله سبحانه الذي أسرى بعبده وقوله: {لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا} [الإسراء: ١]، لا يراد منه إلا الإسراء بالروح فقط. إنه كان كذلك، لأصبح القرآن الكريم لعبة في أيدي العابثين

<<  <   >  >>