للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ. فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا: مَا لَكُمْ. قَالُوا: حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ. قَالُوا: مَا ذَاكَ إِلاَّ مِنْ شَيْءٍ حَدَثَ. فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا» (١). فالحديث صريح في أن الشياطين مخلوقات تتحرك وليست نوازع في النفس الإنسانية.

والقرآن الكريم فيه آيات كثيرة تدل على أن الملائكة مخلوقات وكذا الشياطين، وأن لها حياة ومملكة ووظائف نكتفي هنا بقول الله تعالى في وصف إبليس: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ} [الأعراف: ٢٧]، وقال: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى} [البقرة: ٣٤] و [طه: ١١٦]، وقال تعالى عن وظائف الملائكة: {أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُنْزَلِينَ} [آل عمران: ١٢٤]، ويقول: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النساء: ٩٧]، كما يقول: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلاَئِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ} [الأنعام: ٩٣]، كما يقول: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلاَئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} [الأنفال: ٥٠]. فهل هذه نوازع في النفس أم مخلوقات لها رسالة تتحرك لتحقيقها؟.

٧ - إن الذين يؤولون نصوص القرآن والسنة يخدمون أهداف المستشرقين مع أنهم ما فعلوا ذلك إلا رَدًّا على هؤلاء الأعداء ودفاعًا عن الدين فيما يفهمون، فالمستشرقون تواتروا على ذلك وحسبنا هنا ما كتبه المستشرق - درمنجم - الذي نقل عنه الدكتور هيكل في كتابه " حياة محمد "، فقد زعم هذا المستشرق «أن أحاديث الإسراء والمعراج أساطير لم يرجح منها علماء الأحاديث رواية واحدة يعتمد عليها». ثم يقول الدكتور هيكل: «وأحسبك لو سألت الذين يقولون الإسراء والمعراج بالروح في هذا لما رأوا فيه عجبًا بعد الذي عرف العلم في وقتنا الحاضر من إمكان التنويم المغناطيسي للتحدث عن أشياء واقعة في الجهات النائية». ثم يأتي الشيخ محمد مصطفى المراغي وهو من المدرسة الإصلاحية ويكتب مقدمة كتاب " حياة محمد " فيقول: «وعلم استحضار


(١) من حديث طويل في " صحيح مسلم " في تفسير سورة الجن (" مختصر صحيح مسلم " للمنذري: جـ ٢ ص ٣٣٩).

<<  <   >  >>