طبقًا لقواعد علم مصطلح الحديث تبين أن ابن إسحاق قال:«حَدَّثَنِي بَعْضُ آلِ أَبِي بَكْرٍ» ولا توجد معاصرة بينه وبين من روى عنهم لأنه قد مات في منتصف القرن الثاني الهجري كما أنه لم يذكر اسم من روى عنهم، فتكون الرواية منقطعة وليست حجة في أي استدلال علمي.
والرواية المنقولة عن معاوية أيضًا منقطعة إذ يوجد فارق زمني كبير بين يعقوب بن عقبة شيخ ابن إسحاق الذي روى عنه وبين معاوية المنسوب إليه هذا القول، وهذا الانقطاع يجعل الرواية ساقطة ولا يحتج بها عِلْمِيًّا فضلاً عن أنه روى غير ذلك عن حذيفة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فقد نقل ابن كثير في " السيرة ": ص ٦٠ عن عمر وبعض الصحابة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - أن الإسراء والمعراج كانا أولاً رؤيا منامية تدريبًا وتيسيرًا على النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتمهيدًا للرحلة الواقعية في اليقظة وهي رحلة الإسراء والمعراج الواردة في الكتاب والسنة. كما نقل ذلك عن " شرح الشفاء " للعلامة علي القاري: ج ١ ص ٤٠٥، ٤٠٣.
فضلاً عن ذلك كله فإن الثابت في " الصحيحين البخاري ومسلم " أن أم المؤمنين عائشة - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - قالت:«مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الْفِرْيَةَ»، وفي الحديث الشريف أنه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ، لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ التِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ المَرَّتَيْنِ، رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنَ السَّمَاءِ ... » وهكذا يؤكد أن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أسري به بالجسد والروح ولو حدث هذا فالرواية الأخيرة الأصح هي التي تقبل.
ومع ضعف سند هذه الرواية فإن الشبهة التي يرون أنها دليل له هي قول الله {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا التِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ}[الإسراء: ٦٠]. وقد أجاب الجمهور على ذلك أنها رؤيا عين، وأخرج ذلك " البخاري " عن ابن عباس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - في تفسير هذه الآية.